في يوم من الأيام ، أبحرت سفينة مصرية شراعية ، في رحلة إلى شبه جزيرة سيناء ، وكان فيها بعض البحارة ، الذين يريدون كشف مناجم سيناء ، وما بها من معادن ، ففي هذه الجزيرة مناجم كثيرة ، بها معادن ثمينة ، وحينما كانت السفينة سائرة في طريقها ، هبت عليها عاصفة شديدة ، فأغرقتها وأغرقت البحارة ، ولم ينجو منهم إلا رجل واحد ، استطاع أن يبحر حتى وصل إلى جزيرة ، كانت تسمى جزيرة السحر .سكان جزيرة السحر :
كان يسكن هذه الجزيرة مخلوقات غريبة ، مثل الثعابين في أجسامها ، ولكن وجوهها وأيديها مثل وجوه بني الانسان وأيدهم ، كانت تلك المخلوقات تتكلم مثلما يتكلم الناس ، وتتحدث كما يتحدثون ، وكان من يقع في أيدي هذه الثعابين ، يموت ميتة لا شك فيها .حكاية البحار :
ولكن هذا البحار ، وحده قد نجا من شرها ، ورجع إلى وطنه سالماً ، وحكى لأمير البحر حكايته العجيبة ، وقال : أبحرت في سفينتك الكبيرة ، لأبحث عن مناجم سيناء ، وكان معي 150 من البحارة المصريين الماهرين ، وكان جميعهم أقوياء أشداء كلهم شجاعة وحماسة ، ولما أبحرنا كنا نتكلم عن الجو ، والرحلة في البحر ، قال بعضنا ، ستكون الريح هادئة ، ورحلتنا سهلة ، وقال آخرون : إن الريح ستكون شديدة والبحر سيكون هائجاً .النجاة :
ثم هبت عاصفة قوية ، واشتدت أمواج البحر ، واضطربت السفينة في وسط البحر ، حتى ابتلعتها الأمواج ، فغرقت وغرق من فيها ، ورأيت قطعة خشبية ، من السفينة مكسورة طافية على الماء ، فتعلقت بها ، واستمرت الأمواج تدفعني ، حتى أخذتني إلى الشاطئ ، وقد أغميّ عليّ من شدة ما أصابني ، ولما أفقت من اغمائي ، نظرت حولي ، فوجدت نفسي في جزيرة بعيدة ، عن العالم ، وقد بقيت وحدي ، ثلاثة أيام ، وكنت متعباً جداً ، ضعيفاً القوة من شدة الجوع والعطش .في جزيرة السحر :
سرت في نواحي الجزيرة ، مدة طويلة على أمل أن أجد شيئاً آكله ، وأخيراً وجدت بعض أشجار الفاكهة ، وأمكنني أن أصيد بعض الطيور والسمك ، فأكلت وشكرت لله ، وحمدته كثيراً ، لأنه أعطاني الحياة ، ونجاني من الغرق ، وأعطاني الحياة .خوف وترقب :
وحينما انتهيت من شكر الله ، سمعت صوتاً عالياً مثل الرعد ، ورأيت الأشجار تهتز اهتزازاً شديداً ،فغطيت وجهي وأنا خائفاً خوفاً شديداً ، ووقعت على الأرض وبقيت ، كذلك مدة ، ثم رفعت رأسي ونظرت حولي ، فوجدت أمامي شيئاً مثل الثعبان ، كبير الجسم وجهه مثل وجه الانسان ، ويداه مثل يدي الانسان ، له لحية طويلة ، وبعض جسمه أزرق ، وبعضه الآخر ذهبي اللون ، وعند ذلك فهمت أني في جزيرة السحر ، التي كنت أسمع عنها ، وعلمت أن الذي أراه انما هو كبير الثعابين .البحار وكبير الثعابين :
فاستمعت اليه وهو يقول : تكلم وأخبرني أيها الكبير الصغير ، لماذا أتيت إلى هنا ، فقلت له : اني أتيت من مصر العظيمة ، وكان مجيئي على ظهر سفينة ، وقد هبت علينا عاصفة شديدة ، كسرت السفينة وأغرقتها ، وأغرقت أيضاً من فيها ، أما أنا فقد تعلقت بقطعة خشبية من أخشابها ، فرمتني الأمواج إلى شاطئ هذه الجزيرة .كبير الثعابين يطمئن البحار :
فلما سمع كلامي قال : لا تتألم أيها الصغير ، ولا تحزن ، وكن هادئاً مسروراً ، إن الإله هو الذي أرسلك إلى هذه الجزيرة ، وإننا نسمح لك أن تعيش فيها أربعة شهور ، وبعد الشهر الرابع ، تمر بنا سفينة تركبها وترجع إلى وطنك مصر المحبوبة ، وتعيش فيها سعيداً مرة أخرى ، وسآخذك معي إلى بيتي .شكر وعرفان بالجميل :
سمعت منه هذا الكلام ، وشكرت له مساعدته كل الشكر ، وقلت أني حين أرجع إلى وطني ، سأقص على رئيسنا كل ما رأيت في جزيرة السحر ، وسيرسل إليك هدايا نفيسة غالية ، من الزيت وأنواع الروائح الجميلة ، فقال : لا حاجة بنا إلى أنواع الروائح الجميلة ، فإن عندنا منها الكثير ، أما الزيوت المصرية ، فليس منها عندنا شيئاً .وداع وهدايا :
بقيت في هذه الجزيرة ، حتى مرت أربعة أشهر ، ولما انتهت نظرت فرأيت سفينة تظهر في عرض البحر ، كما أخبرني كبير الثعابين ، وحينئذ قدمت له جزيل الشكر ، وودعت سكان الجزيرة وودعوني ، وودعني معهم كبير الثعابين ، وأهدى إليّ كثيراً من الروائح الجميلة ، والعاج والأخشاب النادرة ، وقرداً صغيراً ، ثم استأذنت في الرحيل ولساني شاكراً لكبير الثعابين ، وقلبي يحمد الله على نجاتي .السفينة المصرية والعودة إلى الوطن :
ثم توجهت نحو الشاطئ ، وناديت السفينة ، فوجدتها سفينة مصرية ، وركابها مصريون ، وقد سرر بهم كثيراً وسروا بيّ ، ورجعت إلى وطني الكريم ، وبلادي المحبوبة ، والحمد لله .