بين طيات تلك الروايات الرائعة عن الليلة بعد الألف ورد ذكر طائر العنقاء ، أو الفينيكس وسمي بهذا نسبة لبلاد فينيقيا التي خرجت منها الأسطورة ، وهناك من يقول أن تسميته بهذا الاسم تنسب لنوع معين من النخيل اليوناني ، وسُمي هذا الطير بالعنقاء لأنه طويل العنق ، وهو طائر خيالي ورد ذكره في قصص الأساطير القديمة الخاصة بحضارات الشرق القديم .وتعد أسطورة العنقاء واحدة من الأساطير التي اختلطت بين الحقيقة والخيال ، خاصة بعد أن ذكرها المؤرخ اليوناني هيرودت في مدوناته ، وقد امتدت تلك الأسطورة وذاع صيتها بين حضارات شرق أسيا وشبه الجزيرة العربية وصولاً إلى مصر الفرعونية .والأسطورة تقول أن هناك طير ضخم يسمى العنقاء ، أحمر اللون طويل العنق يولد كل خمسمائة عام ، وهو ذكر واحد فقط يسعى صوب فينيقيا ، ويختار نخلة شاهقة الارتفاع فيها لها قمة تلامس السماء ، ويبني له عشًا بها ثم يحترق بالنار بعد أن يضع بيضته الأولى التي تشبه في حجمها الثور الكبير ، ومن رماده تولد عنقاء جديدة تخرج من شرنقته التي تركها ورحل .وتطير العنقاء الجديدة إلى مصر وهي تحمل الجسد القديم كي تدفنه عند مذبح الشمس إله الفراعنة آنذاك ، ويحي شعب مصر هذا الطائر العظيم قبل رحيله لبلاد في الشرق ، كأنه ظاهرة كونية تحدث كل دهر ، وتتوارثه الأجيال التي تنتظر قدوم هذا الوافد الجديد كل خمسمائة عام .أما عن موطن العنقاء الأصلي فقد ورد أنه بلد سعيد في الشرق ، بين طيات الجزيرة العربية وبالتحديد في منطقة اليمن ، حسب بعض الروايات التي ذكرت قصته باختلاف طفيف ، فبعد خمسمائة عام يقضيهما الطائر في سعادة يتجه إلى معبد الإله رع في هليوبوليس بمصر ، وفي هيكل رع ينتصب ويفرد جناحيه إلى أعلى ، ثم يرفرف بهما بقوة وما هي إلا لحظات وتشتعل بهما النار ، كأنهما مروحة ملتهبة يستنير بوهجها الهيكل .ومن وسط الرماد الذي يتخلف يخرج الطير الجديد ، والذي يعود بدوره لبلاد الشرق السعيد ، والعنقاء يطلق عليها طائر النار ويرمز لها في الكتب المسيحية التي كانت موجودة إبان العهد الروماني برمز القيامة لأنه يفنى ويقوم من جديد ، أما الصينيون فكانوا يشيرون إليه بأنه رمز الخير والمحبة .وعلى الرغم من ذكر العنقاء في الكثير من الحضارات إلا أن هناك الكثيرون الذي يزعمون أن وجودها ضربًا من الخيال القديم ، فهناك مقولة شهيرة تقول : أيقنت أن المستحيل ثلاثة الغول والعنقاء والخل الوفي .