الرضا من أهم النعم التي وهبنا الله إياها ، فهي تجعلك تشعر أنك في معيّة الله دائمًا ، وتطمع فيما ليس لديك ، وهذا بدوره يجعلك إنسانًا طيب النفس ، جدير بالمعاشرة والصداقة ، فالإنسان الذي يرضى بنعم الله عليه ، وينظر لها نظرة رضا وشبع ، لا يمكنه أن يحسد غيره أبدًا ، أو يحقد على من حوله في شيء وبالتالي ، يقيه الله شر الحاسدين ولحاقدين ، بالإضافة إلى أنها عبادة وطقس من طقوس التقرب إلى الله .ويحكى أنه في قديم الزمان ، كان هناك سيدة عجوز تعيش في منزلها بالقرية الصغيرة ، ولم يكن برفقتها أحد فقد كانت وحيدة ، وللأسف كانت طماعة جدًا وبخيلة جدًا ، وإن لمحت ضيفًا قد أتى إليها ، فإنها كانت تغلق أبواب كوخها الصغير ، حتى لا تضطر لاستضافة أحدهم ، وتعطيه مما أعطاها الله !وفي أحد الأيام ، مر رجل عجوز أمام دارها ، ملقيًا عليها التحية قبل أن تدخل إلى منزلها سريعًا ، وقبل أن تذهب بادرها الرجل العجوز بالسلام وهو مبتسم لها ، فحدثت العجوز نفسها بأنها قد تتورط بإغداقه ، مما تملك من الطعام أو الشراب ، وشعر الرجل بتفكيرها وقال في نفسه ، يبدو لي أنها بخيلة ولا ترغب في أن تعطيني شيئًا ، فبادر بإلقاء السلام عليها مرة أخرى ، وأخبرها أنه عابر سبيل وقد نفد طعامه ، رغمًا عنه ولا يملك من المال ، ما يبتاع به غيره ، وسألها أن تعطيه كِسرة خبز يسد بها جوعه ، فتأففت السيدة العجوز ، ودخلت لتأتي بعد دقائق ، وقد حملت له معها قطعة خبز يابسة ، وتتكسر إذا ما لمستها .شعر الرجل بأن حدسه كان سليمًا ، فقال سوف أجعلها تندم على ما فعلت ، فقال لها جميل الخبز ، ولكني كنت سوف أعلمك كيف تطهين الحصى ، فيصبح جاهزًا وصالحًا للأكل ، فبمجرد أن سمعته العجوز قالت له ماذا ؟ أجابها أنه لا يقول شيئًا ، فاستحلفته بالله أن يعيد عليها ما سمعت .فقال لها أبدًا كنت أقول ، أنك إذا ما أتيت لي ببعض البيض والخبز الطازج والزبدة ومقلاة ، كنت سأعلمك طريقة تطهين بها الحصى ، ليصلح للأكل ، فسارعت لعجوز إلى منزلها وأتت بكل ما طلبه عابر السبيل ، فقام بطهي البيض ووضع إلى جواره بعض الحصى ، وكان كلما وجد حصوة قام بإلقائها ، وقال للعجوز تفضلي معي ، فأخذت حصوة صغيرة لتنظر إن كانت قد نضجت ، ولكنها كسرت سنها الوحيدة التي ظلت داخل فمها ، فغادر الرجل وهو يقول لها ، إن كنت قد رضيت بما لديك وحمدت الله ، ما كنت فقدت السن التي لديك ، وانطلق بعد أن لقن العجوز البخيلة الطماعة درسًا قاسيًا .