باعد الكاتب بين سبابته وإبهامه تاركًا الظرف بالطابع الملون يسقط داخل صندوق البريد الأحمر كان الظلام دامسًا داخل الصندوق حتى إن الظرف نسي وجعه بسبب سقوطه وراح ينظر حوله خائفًا ورويدًا رويدًا بدأ يرى ما حوله نتيجة لتسلل حزمة ضوئية من فتحة الصندوق الضيقة فقد اكتشف أنه ليس وحيدًا ، وإنما يستلقي بجواره عشرات الظروف .شعر الظرف بالسعادة وأحب أن يتعرف على أصدقاءه ولكن وقبل أن يسلم على أحد أحس بمغص نظرًا لأن جو الصندوق بارد وربما يكون ذلك هو السبب والحقيقة أن المغص لم يكن بسبب برودة الطقس وإنما بسبب الخلاف الناشئ بين الكلمات والأرقام على الأوراق الموجودة داخل الظرف وإليكم ما حدث بالضبط .كانت الأوراق الستة تتضمن قصص قصيرة وفي أسفل كل ورقة رقمًا يدل عليها ولكن الكلمات انزعجن من الأرقام وقلن لهن غاضبات كيف تقبل على أنفسكم أن يجد كل رقم منفردًا وسط مئات الكلمات أجب ألا تستحي .انكمشت الأرقام على نفسها وقالت نحو لسنا ثقلي الدم حتى نجلس معكم بلا سبب ، وما السبب تفضلن أوضحن السبب هو ترتيب الأوراق حتى لا يختلط بعضها ببعض فلا تُعرف الأولى من الثانية قالت الكلمات وتتفلسفن أيضًا فنحو نرتب أنفسنا بأنفسنا دون حاجة لحضرتكن ، فقالت الأرقام لا تغطن في حقنا صحيح أن الأوراق ممتلئة بالكلمات لكن الأرقام مهمة وكما يقول المثل الحصاة تسند الجرة ، قالت الكلمات ما شاء الله وتضربن الأمثال هيا أخرجن من غير مطرود فلا يمكننا السفر معكم وعبثًا حاولت الأرقام إقناع الكلمات ونظرًا لقلة عدد الأرقام وكثرة عدد الكلمات فقد استطاعت الكلمات دفع الأرقام وإخراجها من إحدى زوايا الظرف التي لم تلصق جيدًا .ولم يطل سفر الظرف أكثر من أيام فقد رُد إلى مركز البريد محتويًا ورقة إضافية كُتب عليها أيها الكاتب نرجو أن ترقم الأوراق فلا نستطيع قرأتها بالترتيب وتبعثها من جديد مع جزيل الشكر ، وفي اليوم الثاني كان الظرف بالطابع الملون يستلقي على صندوق البريد الأحمر يكلم أصدقائه ويتعرف منهم على وجه سفرهم وبالطبع لم يشعر هذه المرة بالمغص فقد كانت الكلمات تحكي لأصدقائها الأرقام قصة سفرها الأولى .