في تمام الساعة التاسعة مساءًا فتحت القاطرة عينها الضوئيتين وعطست مصدره صفير مصحوب بدخان أبيض ثم درجت فوق سكة الحديد مغنية أغنيتها الوحيدة ، وكانت عربات المقطورة تمشي خلف القاطرة تتجه صوب السهول الخضراء ثم تدخل الأنفاق المظلومة وبين فترة وأخرى تقف للراحة ضمن محطات محددة فينزل ركاب ويصعد آخرون .وذات مرة وبينما كانت القاطرة تأخذ نفسًا عميقًا استعدادًا للصفير نادتها إحدى المقطورات الخليفة وقالت قاطرة على مهلك ، سافرت القاطرة وقالت مقطورة ما بكِ هل حدث مكروه لا اطمئني أريد أن أطلب منك طلبًا تفضلي ، أرجو أن تتظاهرين بالمرض ولا تنطلقي ، فقالت غريب لماذا بصراحة مللت المسير كل يوم المناظر نفسها والمحطات ذاتها والمواقف ذاتها والسكة نفسها ، فقالت وما الحل فقالوا لها أنت تسألين ألست أنتي من يقودنا .صحيح ولكني لا أستطيع الانحراف عن السكة بمقدار شعره وأنت تعلمين ذلك جيدًا ، لهذا السبب طلبت منك عدم المسير لقد صارت حياتنا رتيبه رتابة لا تطاق ، فكرت القاطرة قليلًا وقالت عندي حل حاولي أن تنظرين إلى ما حولك من خلال عيون الركاب ثم أطلقت صفيرًا قويًا وتحركت تجر العربات في الموعد المحدد ، وصارت المقطورة خلف صديقتها على مضض ناظرة حولها بتشاؤم ، وبغتة أحست بأنف صغير يحك زجاجها .أمعنت النظر فشاهدت طفلًا يقف بجانب أمه يتأمل المناظر ويقول أمي أنظري لتلك الزهور الخضراء الملونة أنها تشبه سجادة صلاة جدتي ، أو ما هذه الشجرة العملاقة كنت أحسب ليمونة دارنا أكبر شجرة في العالم تخيلي إذا وضعناها بجانبها تظهر وكأنها طفلة صغيرة ، التله هناك تبدو وكأنها سن الجمل ، نظرت المقطورة مدهشة إلى الأشياء التي يشير إليها الطفل فتشعر بأنها تراها لأول مرة وخصوصًا على سمعت الصفارات المرحة التي تطلقها القاطرة .