قصة فاطمة السمحة

منذ #قصص اطفال

يُحكى أن فتاة مليحة الوجه والقسمات تدعى فاطمة كانت تعيش مع أسرتها في ﻗﺮﻳﺔ ﺑﺸﻤﺎﻝ اﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ أﺟﻤﻞ فتيات عصرها في حينها ، ومعنى ﺍﻟﺴﻤﺤﺔ “أﻱ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ” ولم تكن فاطمة جميلة من حيث الشكل أو المظهر فقط ، ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﻴﺒﺔ ﻛﺮﻳﻤﺔ ذات أﺧﻼﻕ رفيعة ، وكانت تدخل قلب كل من عرفها حيث كانت تبتسم لها القلوب وتتفتح لها الدروب .وأﺻﺒﺤﺖ ﺳﻴﺮﺗﻬﺎ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ فكم ﻣﻦ أمير ﺗﻘﺪﻡ ﻟﺨﻄﺒﺘﻬﺎ ﻭﺍﻋﺘﺬﺭ أﻫﻠﻬﺎ ﻟﺼﻐﺮ ﺳﻨﻬﺎ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ التي تسكنها فاطمة تقع ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﻏﺎﺑﺔ ﻛﺜﻴﻔﺔ ، لا يعيش فيها جنس مخلوق ولا يخطو فيها إنسان خطوة واحدة  ، وكان ﻳﺴﻜﻨﻬﺎ ﻏﻮﻝ ﺷﺮﻳﺮ ﻳﻨﺎﻡ ﺳﻨﺔ ﻭﻳﺼﺤﻮ ﺳﻨﺔ ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺎﻡ ﻳﻀﻊ ﺷﻌﺮ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺗﺤﺖ ﺭﺃﺳﻪ .ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ إحدى عاداته أن  ﻳﺘﺰﻭﺝ ﺷﺎﺑﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻛﻞ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ، فكان ﻳﺨﺘﺎﺭ أﺟﻤﻞ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﻭﻳﺨﻄﻔﻬﺎ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺯﻭﺟﺘﻪ ، ﻭﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻳﻘﺘﻠﻬﺎ ﻟﻴﺨﺘﺎﺭ ﻋﺮﻭسًا ﺟﺪﻳﺪة ، ﻭﻛﺎﻥ أﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ أن تلك السنة هي سنة اختيار الغول لزوجته الجديدة .فأخذوا ﻳﺘﻬﺎﻣﺴﻮﻥ فيما بينهم ﺧﻮﻓًﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺎﻃﻤﺔ السمحة أجمل بنات القرية والقرى المجاورة ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺋﻠﺘﻬﺎ تدرك هذا الأمر فمنعوها من الخروج إلى خارج المنزل ، وعقدوا النية على حمايتها بالسيوف والأرواح مهما كلفهم الأمر ، وكانت جدة فاطمة هي أكثر الناس خوفًا على فاطمة ، لذا لم تكن تسمح لها باللعب مع صديقاتها في الحقول .ﻭﻛﺎﻧﺖ فتيات القرية تشعرن بالحقد والغيرة من فاطمة لانشغال فتيان القرية بحبها ، فقد كانت كل واحدة منهن تعلم جيدًا أن أحدًا من الشباب لن يتقدم لخطبتها ، طالما كان هناك أمل في نيل حب فاطمة السمحة ، ولهذا فكرت الفتيات في مكيدة للتخلص من فاطمة حتى ينتهي بوارهن .وبالفعل في صباح اليوم التالي تجمعت الفتيات أمام بيت فاطمة ، وذهبن إليها حتى تخرج معهن لبساتين النخيل ، فرحت فاطمة بقدوم الفتيات كثيرًا ورغبت في الخروج معهن ، ولكن جدتها لم فقالت لهن : سأنثر جوالًا من السمسم وأخر من الذرة في ساحة البيت ، فإذا جمعتم الجوالين دون أن ينقص منهما حبة واحدة ، سأسمح لفاطمة بالخروج معكن .فجمعت الفتيات كل الحبوب وهنا اضطرت الجدة للموافقة على خروج فاطمة بصحبة الفتيات ، ولما وصلوا جميعًا إلى بستان النخيل أقنعت الفتيات فاطمة بالصعود على النخلة لجلب البلح ، وحينما صعدت فاطمة أخذت ترمي لهن بالبلح ، فكانت الفتيات يضعن البلح الناضج في سلالهن وغير الناضج كانوا يتركونه بسلة فاطمة .ولما نزلت فاطمة أخبرت الفتيات فاطمة أنهن سيلعبن لعبة السوار والبئر ، وفيها يفترض أن ترمي كل فتاة منهن سوارها بالبئر ، والتي تخرج سوارها أولًا تكون الفائزة ، انخدعت فاطمة بكلام الفتيات ورمت سوارها ولكن تفاجئت بأن الفتيات لم يقمن برمي سوارهن ، ولكنهم رموا الحجارة بدلًا من ذلك .وأخذت الفتيات تسخرن من فاطمة وتتغامزن عليها ، ثم هرولوا باتجاه القرية دون أن يلتفتون لتوسلاتها وبكاءها من أجل سوارها ، فظلت فاطمة تبكي وحدها ولا تدري ماذا تفعل حتى هبت عليها ريح غريبة ، تبعتها عاصفة تلو الأخرى وفجأة ظهر غول كبير الحجم قبيح الوجه ، قال لها لا تحزني يا فاطمة سأخرج لك سوارك الآن .وبالفعل قام الغول بشرب كل ماء البئر وأخرج السوار لفاطمة ، ولكنه بدلًا من أن يتركها تذهب إلى القرية أخذها معه إلى قصره في وسط الغابة المظلمة ، وظلت القرية كلها ساهرة تبحث عن فاطمة ولكن دون جدوى ، فدب الحزن في قلوب كل من كان يعرف فاطمة السمحة .وذهب أهل فاطمة إلى حكيم عجوز بالقرية وسألوه عن مكان فاطمة ، وكيفية الوصول إليها فأخبرهم أنها مع الغول وأمر إخوتها أن يأخذوا معهم إلى الغابة ثور أبيض ، وحينما
ﻳﺘﺄﻛﺪﻭﻥ أن ﺧﺪﻡ ﺍﻟﻐﻮﻝ قد راحوا ﻓﻲ النوم ، يقومون بذبح ﺍﻟﺜﻮﺭ ونثر ﺩﻣﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ بالقصر وقص شعر اختهم والهرب بها .فذهب الإخوة إلى الغابة وفعلوا ما أمرهم به الحكيم ، فقصوا شعر فاطمة وحملوها بعيدًا عن قصر الغول ، ولكن في استعجالهم نسى الأخ الأصغر لفاطمة أن ينثر الدم على حجر بالقصر ، فأخذ الحجر يضرب على صدر الغول حتى قام من نومه وأخذ يطارد فاطمة وإخوتها والشرر يتطاير من عينه .فلما لحق بهم الغول استل الأخ الأكبر سيفه وأطاح برأس الغول ، فظهرت له رأس أخرى في غمضة عين فظل الأخ يقطع رأسًا تلو الأخرى حتى وصل للرأس السادسة ، ومع ظهور الرأس السابعة هرب الغول عائدًا إلى قصره .وحينما وصلوا إلى القرية في سلام ، أمر العجوز الحكيم الأخ الأكبر أن يعود إلى الغابة ، ويقطع رأس الغول السابعة حتى لا تقم له قائمة مرة أخرى ، وما هي إلا أيام حتى عاد أخو فاطمة السمحة وهو يحمل رأس الغول الشرير ، الذي تم حرقها ونثر رمادها في الوديان .ﻭﻣﻨﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﻟوقت اختفى الغول ولم يسمع عنه في القرية أو القرى المجاورة أي خبر ، وعاشت فاطمة السمحة حياة هادئة وخرجت للتنزه دون خوف ، ثم تزوجت من شاب يدعى ود النمير لتصبح بعد ذلك أمًا وجدة لكل أهالي السودان الحبيبة ، وكانت تحكي قصتها لأحفادها كل يوم قبل النوم .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك