منذ زمن بعيد كان هناك مكان سحري يحمل بعض عجائب الدنيا وكنوزها العظيمة ، ولم يكن مكانًا غامضًا ولا مخفيًا بل كان يمكن لأي شخص محاولة الدخول إليه والاستمتاع بمأكولاته ، ولكن كل ما كان عليه القيام به هو تلبية شرط واحد : أن يكون شخصًا جيدًا ، فلا يُشترط عليه أن يكون بطوليًا أو غير عادي ولكن مجرد شخص جيد .وذات يوم ذهب صديقان شابان إلى هناك بحثًا عن ثروتهما وهما علي وبن عيسى ، وكان على كل من يذهب إلى هناك أن يواجه اختباره وحده ، وكان علي أول من جرب حظه وسرعان ما وجد نفسه في حديقة جميلة تم تزيينها بمئات من التماثيل التي بدت حقيقية ، لدرجة أنه شعر أنه في أي لحظة يمكنهم البدء في المشي .أو ربما ستبكي لأن التعبيرات على وجوههم كانت حزينة وكئيبة ، لكن علي رفض أن يشتت انتباهه عن هدفه ، ووضع جانبًا رغبته في البقاء مع التماثيل ، واستمر يمشي حتى وصل إلى مدخل غابة كبيرة ، كان هذا المدخل محروسًا بتمثالين من الحجارة الرمادية التي كانت مختلفة تمامًا عن التماثيل الأخرى .وكان لأحد التمثالين تعبيرًا غاضبًا ، بينما بدا الآخر بهيجًا حقًا ، وبجانب المدخل كان هناك نقش يقول : ” أخبر التماثيل حول صلاح شخصيتك” ، فاستعد علي وهيأ حنجرته ثم قال بصوت عالٍ: أنا علي ، شخص جيد لم أفعل ضررًا لأي أحد وليس لأي أحد شكوى عنى ، وبعد صمت طويل نطق التمثال ذو التعابير المبهجة ، ونزل من على قاعدته ثم قال له : ممتاز ، صلاحك مثالي لهذا المكان لأن هذا المكان مليء بتماثيل مثلك .فهم أيضًا لا يضرون أحدًا ولا أحد لديه شكوى بشأنهم ، وفي نفس اللحظة شعر علي بأن جسده كله أصبح مشلولًا تمامًا ، ولم يستطع حتى تحريك عينيه لكنه كان لا يزال يستطيع أن يرى ويسمع ويشعر فقط ، ويكفي أن نفهم أنه أصبح مجرد تمثال واحد لتزيين الحديقة مثل غيره من التماثيل ، وبعد فترة وجيزة قام بن عيسى بدوره بالاستمتاع بعجائب الحديقة .ولكن على خلاف صديقه فإن مشهد تلك التماثيل ، وعيونهم شبه الناطقة والمتحركة حركاه كثيراً لدرجة أنه اقترب من كل منهم ولمسه ، مداعباً وجوههم وآملاً سراً أن يكونوا على قيد الحياة ، وعندما لمسهم بن عيسى شعر بدفء الحياة ، ولم يستطع أن يخرج من عقله فكرة أنهم ما زالوا على قيد الحياة ، ولكنهم سُجنوا بشكل فظيع بعد تساؤل عن حياتهم .أخذ بن عيسى يتساءل كيف يمكن أن ينتهي بهم المطاف هنا ، وأخذ يركض عدة مرات إلى النافورة لجلب الماء لترطب شفاههم ، وبينما هو كذلك رأى صديقه علي متجمد حزين كباقي التماثيل الأخرى ، فنسى لماذا ذهب إلى هناك وبذل قصارى جهده لتحرير صديقه والعديد من الآخرين ، ولكن دون جدوى .وأخيراً وبعد التغلب على اليأس اقترب من التماثيل التي تحرس مدخل الغابة العظيمة ، وقرأ النقش المكتوب عليهما ولكن تجاهله ، ثم قال بصوت عال : في يوم من الأيام سأدافع عن أعمالي الحسنة ، ولكن اليوم لديّ صديق عالق بلعنة ، والعديد من الأفراد الآخرين معه ، وأود أن أطلب مساعدتكم لإنقاذهم .وعندما انتهى بن عيسى من كلامه نطق التمثال ذو التعبير الغاضب وسط ضجة من الهمهمات والشكاوى الخاصة به ، ودون أن يخسر تعبيره الغاضب ، قال: ما هذا الحظ المتعفن! لدينا هنا واحدًا ليس تمثالًا ، حسنًا علينا فقط أن ندعه يذهب !ونعطيه واحدًا من تماثيلنا ثم أكمل التمثال متسائلًا ، هل تريد واحد ؟ فنظر بن عيسى إلى صديقه علي على الفور ، وفجأة بدأ علي يتحرك مرة أخرى فجرى عليه واحتضنه ، وفي هذه الأثناء فتحت أشجار الغابة الطريق للكشف عن عالم من العجب والسعادة .وعندما كان بن عيسى سعيداً وعلى وشك الدخول ، كان علي هو نفسه الذي أوقفه ونظر إلى الوراء ، إلى جميع التماثيل الأخرى وقال بعزم : انتظر يا بن عيسى ، لن أتصرف مثل تمثال بعد الآن ، دعنا نفعل شيئا لهؤلاء الناس ، وهكذا انتهى الأمر بالعثور على طريقة لإطلاق سراح جميع التماثيل في الحديقة من حياة السجن .وقد عاد هؤلاء المئات من الناس وهم متفائلين ، بأن لديهم فرصة ثانية لإثبات أنهم لن يعيشوا مرة أخرى مثل التماثيل ، ومنذ ذلك اليوم قرر هؤلاء الناس أنهم لن يعيشوا ببساطة ليخطئوا ويتجنبوا مواجهة الأعداء ، بل على العكس سيعيشون الكثير من الخير في العالم ، وينتهي بهم المطاف وهم محاطون بالأصدقاء .