قصة في منتهى الروعة لعمر بن الخطاب

منذ #قصص دينية

يزخر تاريخنا الإسلامي بالعديد من مواقف الصحابة والتابعين التي كانت خير مثال على صلاح أمة محمد صلّ الله عليه وسلم ، وكان على رأس تلك المواقف ما فعله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كثير من المواضع التي مر بها ، واستحق بذلك لقب الفاروق لأنه كان عادلٌ يفرق بين الحق والباطل حتى ولو كان الثمن أعز ما يملك في هذه الدنيا .ففي يوم من الأيام أتى شابان إلى خليفة المسلمين سيدنا عمر بن الخطاب وهو يجلس في مجلسه ، وكان هذان الشابان يقودان أمامهما رجلًا من البادية ، فلما اقتربوا من الخليفة عمر بن الخطاب سألهم عن أمر الرجل الذي معهما ، فقالا له : يا أمير المؤمنين لقد قتل هذا الرجل أبانا .فتوجه إليه سيدنا عمر بالسؤال : يا رجل هل قتلت أباهم ، فقال نعم قتلته فقال سيدنا عمر : وكيف قتلته ؟ قال الرجل دخل بجمله في أرضي فزجرته ولكن لم ينزجر ، فأرسلت عليه حجرًا وقع على رأسه فمات ، حينها قال سيدنا عمر القصاص وحكم على الرجل بالإعدام دون أن يعرف من هو وإلى أي قبيلة ينتمي .فقد كان حكم سيدنا عمر حكم سديد لا يقبل المناقشة من قتل يقتل ، فهو لا يحابي ولا يجامل في دين الله ، ولا ينحاز لكفة دون الأخرى حتى لو كان ابنه نفسه هو القاتل ، قال الرجل لسيدنا عمر يتوسل إليه : أستحلفك بالله أن تتركني ثلاث ليالٍ فقط ، فأطفالي صغار وأسرتي ليس لها عائل غيري ، دعني أذهب إليهم لأراهم وأخبرهم بما سيحل بي ثم أعود إليك لتقتص مني .فقال سيدنا عمر : من يكفلك حتى تذهب وتعود ؟ لم يجب أحد من الحضور فلا أحد كان يعرفه أو يعرف خيمته أو من أي قبيلة هو ، وكانت الكفالة حينها ليست على مالٍ أو بعير إنما على رقبةٍ ، فإن لم يعد الرجل كان الكفيل سيحل محله في القصاص .كان سيدنا عمر في موقفٍ لا يحسد عليه فقد وقع في حيرة بين أن يقتل الرجل دون أن يذهب لأطفاله ، فلا يعرفون أين هو ويموتون جوعى من غيره وبين أن يتركه يذهب بلا كفالة فيضيع حق المقتول بذلك ، نكس سيدنا عمر رأسه في حيرة وتأثر وقال للشابين أتعفوان عنه ؟فرفض الشابين قائلين : من قتل أبانا لا بد أن يقتل حينها نظر سيدنا عمر للجمع من حوله ، وقال من يكفل هذا الرجل أيها الناس ؟ فقام سيدنا أبو ذر الغفاري بشيبته وزهده وصلاحه وقال : أنا أكفله يا أمير المؤمنين فعز على سيدنا عمر قيام رجل مثل أبو ذر فقال له : هو قتل ، فقال أبو ذر : ولو كان قاتلًا سأكفله ! فقال سيدنا عمر : أتعرفه ؟ فقال أبو ذر : ما أعرفه ، حينها قال سيدنا عمر : وكيف تكفله ؟قال سيدنا أبو ذر الغفاري : رأيت فيه سمات المؤمنين فعلمت أنه يقول الحق وسيأتي كما وعد بإذن الله ، فقال له سيدنا عمر حينها : يا أبا ذر أتظن أنني تاركك لو تأخر بعد ثلاث ليالٍ ؟ فقال أبو ذر: الله المستعان يا أمير المؤمنين .فذهب الرجل بعد أن كفله أبو ذر وأمهله سيدنا عمر ثلاث ليالٍ يودع فيها أهله ، وفي تلك الليالي كان سيدنا عمر يعد الأيام عدًا حتى جاء الموعد المحدد للقصاص ، فنادى سيدنا عمر في العصر الصلاة جامعة ، فجاء الشابان واجتمع الناس وكان من بينهما أبو ذر ، فالتفت إليه سيدنا عمر وقال له : أين الرجل ؟فقال أبو ذر : لا أعلم يا أمير المؤمنين ونظر إلى الشمس وكأنها تسرع بالمغيب على غير عادتها ، كان الجميع واجمين وتظهر عليهم ملامح التأثر وخاصة سيدنا عمر الذي كان يكن لأبي ذر مكانة خاصة في قلبه ، ولكنه في نفس الأمر لا يستطيع مخالفة شرع الله .وقبل الغروب بلحظات قليلة جاء الرجل فكبر عمر وكبر معه المسلمون ، وقال حينها : أيها الرجل لو كنت بقيت في باديتك لما علمنا بمكانك واستطعت الفرار ؟ فقال الرجل : يا أمير المؤمنين : إن استطعت الهرب منك فكيف أهرب من الذي يعلم السر وما يخفى ؟فها أنا ذا قد تركت أطفالي كفراخ الطير في البادية دون ماء أو شجر وجئت كي أقتل لأني خشيت أن يقال : ذهب الوفاء بالعهد من الناس ، فالتفت سيدنا عمر لأبو ذر وقال له : لما كفلته ؟ فرد أبو ذر رضي الله عنه قائلًا : لأني خشيت أن يقال ذهب الخير من الناس ، فوقف سيدنا عمر بن الخطاب وقال للشابين : ماذا تريان ؟فقالا وهما يبكيان متأثران مما حدث لقد عفونا عنه يا أمير المؤمنين حتى لا يقال ذهب العفو من الناس ، فكبر سيدنا عمر والدمع ينساب على لحيته وشكر الشابين على عفوهما عن الرجل ودعا لأبي ذر بعد أن فرج كربته وضمنه حتى يعود ، إنه سيدنا عمر الذي كان يرقب الله في كل أفعاله حتى لا يقال أن العدل قد ذهب من الناس .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك