قصة تبين صبر الأنبياء

منذ #قصص دينية

لا يوجد أحد على وجه الأرض معصومٌ من البلاء فأشد الناس بلاءً هم الأنبياء ، والبلاء هو حكم من الله عز وجل ليميز الخبيث من الطيب ويظهر صدق الصادق وكذب الكاذب ، والصبر على البلاء يرفع درجات العبد الصابر ، ويعد تكفيرًا لخطايا الإنسان حيث يبشر الله عز وجل الصابرين في قوله تعالى: { وَبَشّرِ الصَّـابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَـابَتهُم مٌّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيهِ راجِعونَ} {البقرة ، الآية رقم 155} .ولقد أمر الله عزوجل نبينا محمد صلّ الله عليه وسلم أن يصبر على البلاء مثلما صبر الأنبياء من قبله كما جاء في قوله تعالى: {اصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}سورة الأحقاف ، الآية رقم 35 ، فالصبر سمة من سمات أهل الجنة ومن صبر على البلاء واحتسبه عند الله سبحانه وتعالى غفر له ما تقدم من ذنبه ورفع عنه ما أصابه من بلاء .قصة صبر النبي أيوب :
إذا ذكر الصبر فلابد أن نتكلم عن نبي الله أيوب عليه السلام ، فلقد ابتلاه الله عزوجل في ولده وماله وفي جسده أيضًا ، فكان لسيدنا أيوب الكثير من المال والدواب والأنعام ، وكان له من الأولاد الكثير وأيضًا كان ينعم بالمنازل الجميلة ، ولقد ابتلاه الله عز وجل فمات أولاده وذهب ماله كله .كما ابتلى أيضًا جسده فأصابه مرض الجذام الذي ملأ كل جسده ولم يتبقي إلا لسانه وقلبه ، فكان يذكر بهما الله عزوجل وظل صابرًا محتسبًا ولم يتبقى إلى جواره أحد من الناس خوفًا من العدوى إلا زوجته ، ورغم ذلك ظل صابرًا على البلاٍء سنينًا طويلة جدًا ، ولقد استنكر على نفسه أن لا يصبر علي البلاء ولم يطلب من الله أن يصرف عنه البلاء إلا بعد أعوام طويلة من المعاناة .وعندما طلب من رب العباد أن ينجيه مما هو فيه قال إني مسني الضر ؛ أي الشيء البسيط من الضرر ولقد ابتلي النبي الكريم في كل شيء وجزءًا لصبره استجاب الله له ، فأخرج له ينبوعًا من الأرض فأغتسل وشرب منه وتم شفائه بأمر الله ، وأعطاه الله الصحة وأتاه الكثير من المال وكان هذا جزاء الصابرين .يقول الله عزوجل في قوله العزيز : {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ }سورة الأنبياء ، الآية رقم 83 .قصة صبر نبي الله إبراهيم على ذبح ولده :
لقد ابتلى الله عز وجل أيضًا نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام ابتلاءً عظيمًا ، فقد أوحى الله إلى نبيه إبراهيم بذبح ولده في رؤية جاءته بالمنام أنه يذبح ابنه إسماعيل ، فأخبر النبي الكريم ابنه بتلك الرؤيا وكان رد الابن الصابر المحتسب : إمض يا أبي لما أمرك الله عز وجل ، وتتجلي الآية في صورة الصافات { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} { سورة الصافات ، الأية102}.ولما ذهب سيدنا إبراهيم وأخذ معه ابنه إسماعيل لينفذ ما أمره به الله عزوجل ووضعه على جبينه ليقتله ، نادى عليه الله عزوجل من فوق سبع سماوات في خضم هذا المشهد المهيب : { أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ} ، أي أنك صبرت علي البلاء ونفذت أمر الله ، ففداه الله بكبش عظيم كما ورد في قوله تعالى :{ وفديناه بذبح عظيم } سورة الصافات ، الآية رقم 107 .قصة صبر سيدنا موسى على قومه :
لقد ابتلى الله عزوجل سيدنا موسي عليه السلام كما ابتلى غيره من الأنبياء ، فحينما تكبر فرعون وبغى في الأرض واتهمه بالسحر والجنون وفعل الأفاعيل بطائفة بنو إسرائيل ، هرب سيدنا موسى مع قومه بعد أن عانوا الكثير من فرعون وظلمه ، ولما لحقهم فرعون وجنوده ضاقت عليهم الدنيا .ففرعون وجنوده من ناحية والبحر من ناحية  أخرى ، ولكن جاء فرج الله حينما أمر سيدنا موسي أن يضرب البحر بعصاه ، فانشق البحر وعبر هو وقومه بعد صبرهم علي البلاء ، وغرق فرعون وجنوده وأصبحوا أية وعبرة للعالمين كما قال تعالى في سورة الشعراء { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } الآية رقم 61ولعل صبر سيدنا موسى لم يكن على فرعون المتجبر فقط ولكن على طائفته التي أرسله الله لدعوتها ، فكم من مرة دعاهم ولم يستمعوا له ، وكم من مرة أمنوا بالله ثم ارتدوا عن الصراط المستقيم فتارة يعربون عن رغبتهم في العودة للوثنية ، وتارة أخرى يستغلون غياب سيدنا موسى لتلقي التوراة من الله وينساقون خلف السامري في عبادة العجل الذهبي .قصة صبر سيدنا عيسى على الدعوة  :
لقد ابتلى الله عز وجل سيدنا عيسى عليه السلام ورغم ذلك صبر واحتسب ، صبر على أعباء الدعوة للواحد الأحد ، صبر على قلة الأتباع وكثرة المكذبين ، كما صبر على رمي أمه السيدة البتول مريم العذراء بالزور والبهتان ، ولما مكر به اليهود وكادوا أن يصلبوه ويقتلوه ، رفعة الله عز وجل وجعلهم يصلبوا شبيهه .قصة صبر سيدنا يونس في بطن الحوت :
وأيضا ابتلى الله عزوجل سيدنا يونس عليه السلام ، حينما التقمه الحوت وصار في بطنه ينادي ويناجي الله عز وجل ، فاستجاب له الله عز وجل ونجاه كما ورد في قوله تعالى : {فَاستَجَبنَا لَهُ وَنَجَّينَـاهُ مِنَ الغَمّ} { سورة الأنبياء: 88} ، {فَلَولاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطنِهِ إِلَى يَومِ يُبعَثُونَ } سورة الصافات الآيات 143، 144 .قصة صبر خاتم المرسلين سيدنا محمد على أذى قومه :
لقد ابتلى الله نبينا وقدوتنا محمد صلّ الله عليه وسلم ، فصبر رسول الله على المشركين وأذاهم حينما اتهموه بالكذب والسحر وتعرضوا له بالأذى  ، فعن عروة بن الزبير قال : ” بينما رسول الله وسلم يصلي بفناء الكعبة ، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط وهو من الكفار، فأخذ بمنكب رسول الله صلّ الله عليه وسلم ولوي ثوبه في عنقه فخنقه خنقًا شديدًا ” رواه البخاري .ولقد حاصره الكفار مع قومه ومنعوا عنهم الأكل والشرب في شعب أبي طالب ، فبعث الله عز وجل له ملك الجبال  يأتيه بأمر الله  : أَأُطبق عليهم أخشبي مكة ، ولكن يصبر النبي الكريم ويرد سيد الأولين والمرسلين على الله قائلًا : أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا .وبالفعل تحقق هذا لرسول الله صلّ الله عليه وسلم وخرج من صلب الفسده الصالحين ، وأمنت كل الجزيرة العربية وانتشر دين الله عزوجل في العالم أجمع،  وصبر سيد الخلق علي موت عمه أبو طالب ووفاة زوجته خديجة ، كما صبر على موت كل أولاده في حياته إلا السيدة فاطمة رضي الله عنها فصل الله وسلم على سيد الصابرين وشفيعنا يوم الدين .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك