في قديم الزمان كان هناك تاجر عراقي كبير ، كان يعمل بالغلال ، وكان لديه حانوت كبير ، وعرف عن التاجر بأنه رجل عادل ، كريم ، كثير الصدقات ، لا يؤخر صلاة ولا يرد سأل ، ويساعد كل من يلجأ إليه ، وكان يقول زكاة المال في دفع المال ، أما زكاة الجاه ففي قضاء الحاجات .كان التاجر يسافر كل فترة إلى سوريا ، يبيع الغلال ويشتري الأقمشة والصابون الفاخر من هناك ، ليعود ويبيعه في الحانوت ، كان التاجر معروفًا في العراق وفي سوريا ، وكان الجميع يحبه ، فكان يسأل عن الآخرين ويزور المريض ، ويتكفل باليتيم .كان للتاجر ولد وفتاة في سن الشباب ، وكان قد كبر وأصبح لا يقوى على السفر ، فطلب من ابنه أن يسافر إلى سوريا ليبيع الغلال ، وما سيجنيه يشتري به الأقمشة والصابون ، ولم يطلب التاجر من ابنه سوى شيء واحد هو أن يتق الله ويحفظ شرف أخته .سافر الشاب بالغلال ، حينها لم يكن هناك سيارات أو قطارات ، فذهب في قافلة ، وباع البضائع وذهب ليشتري الصابون والأقمشة ، في نفس الوقت كان هناك فتاة تمشي في طريقها ، فوسوس الشيطان للشاب أن يذهب ويقبل الفتاة ، بالفعل ذهب إليها وقبلها وجرى سريعًا قبل أن تتصرف الفتاة .شعر الشاب بالحزن والندم على ما فعل ، وقرر ألا يخبر أي أحد عما فعله ، في نفس الوقت كان والده في المنزل يجلس في غرفته ، فدق الباب وذهبت ابنة التاجر لتفتح الباب ، كان الساقي .وكان هذا الساقي في الخمسين من عمره ، وكان يمد منازل الموصل كلها بالماء ، وكان معروف بالأدب والاستقامة ولم يكن أبدًا ينظر إلى النساء في المنازل ، ولكن هذه المرة وبعد أن أعطى الفتاة الماء قبلها سريعًا وجرى مبتعدًا .لم تعرف كيف تتصرف الفتاة أو ماذا تقول ، لم تعرف أن والدها رأى كل شيء ، صمتت الفتاة ولم يتحدث إليها والدها حول ما حدث ، عاد الشاب إلى منزل والده وجلس يخبره عن رحلته ، طلب والده أن يروي له ما حدث معه منذ خروجه من الموصل وحتى عودته إليها ، حكى الشاب ، ولكن الأب فاجأه بسؤال هل قبلت فتاة ؟ ، دهش الشاب وشعر بأن الدنيا تدور به .بكى الشاب وحكى لوالده كل شيء ، فحكى له الوالد ما حدث ، وقال له لقد اقترفت خطاء ودفعت ثمنه أختك ، لقد أخبرتك أن تصون شرف أختك في رحلتك ولكنك لم تلتزم ، وقام الساقي بمثل ما فعلت واحدة بواحدة ، ولو كنت زدت لكان الساقي زاد أيضًا فيما فعل .شعر الشاب بالخجل الشديد وجلس يبكي لدى والده ، ويعتذر منه ، فأخبره والده أن كل تصرف يقوم به الإنسان يرد له في الدنيا ، والله دائمًا لا يضيع حق أحد ، وما حدث مع أخته كان هو ثمن فعلته مع الفتاة .العبرة من القصة :
أنه يجب على كل شخص أن يرى الله في تصرفاته ، وأن يضع نصب عينية جملة داين تدان ، حتى نتجنب القيام بالأمور السيئة ، يجب أن نراقب الله في كل ما نقوم به وأن نتقي الله في تصرفاتنا ، خوفًا من عقاب الله في الدنيا والآخرة ، وأن نتذكر دائمًا أن كل ما نقوم به سيرد لنا واحدة بواحدة .