منذ عشرة أعوام كنت أدرس في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكنت أحرص على البقاء مع أبناء المملكة المسافرين ، أقضي معهم وقتي حتى لا أشعر بالغربة أو الوحشة ، كانت فترة مميزة ممتعة وما زادها إمتاعًا الحروب الصغيرة التي كانت تدور بيننا .أتذكر أن هناك حربًا واحدة ظلت دائرة لمدة طويلة بين طالب وطالبة ، كانت الفتاة ترتدي دائمًا قمصانًا عليها وجوه رجال وقد شطب عليهم ، ودائمًا ما توقع تقاريرها بجملة شهيرة حول مشابهة الرجال للحيوانات الأليفة ، وأن الرجال ليسوا أهم شيء في حياة المرأة .أما هو فكان دائم التفاخر والتباهي بأسرته أمامها وكلما أقدمت الطالبة على شيء يعبر عن أفكارها ، كلما استعرض أمامها صوره مع زوجته وحديثه عن سعادته بالزواج ، وكأنه يتحداها في أفكارها .كانت الحرب بينهم تشتد تارة وتهدأ أخرى ، لكن كلاهما كان يرد بطريقته ، فحين كان يعرض عليها صور أسرته ، كانت ترسل له مقاطع عن أسر منكوبة تدمرت بعد سنوات قليلة من الزواج .وحينها كان يرد بكلمات غزل زوجته له ، فتجيبه بكلمة لأحد المشاهير يؤكد أن الزواج أكبر نقمة تقع على الإنسان ، وحين أرسلت له كلمات المخرج وودي ألن عنه وعن زوجته وأنهم لم يسعدوا سويًا إلا حين وقع القاضي أوراق الطلاق .كان رده بطاقة بريدية من زوجته تخبره فيها بحبه ، وأن لولا وجوده في حياتها لكانت تعالج في مستشفى المجانين أو تتابع المخرج وودي ألن ، هدأت الحرب وتفرق الجمع ، وانتهت الدراسة وعاد كلا منا إلى مسقط رأسه ، كنت أتوقع أن هذه هي النهاية ، وأن السجال الشيق الذي كنا نشاهده جميعاً انتهى بلا عودة ، ولا أنكر أني في بعض الأحيان كنت أشتاق لحروبهم الصغيرة .مرت عشرة أعوام منذ افترقنا وتجمعنا من جديد ولكن هذه المرة على موقع فيسبوك ، الغريب أنني اكتشفت أن الزميلة التي كانت تعارض الزواج بشدة تزوجت وأنجبت ، وتعيش حياة سعيدة مع زوجها وطفلها .في حين أن صديقي الذي كان يتفاخر ويتباهى بزواجه يصف حياته بأنها مضطربة ، حين سألته عن موقفه أجاب أن كثرة أكل الجبن يؤدي للإصابة بالإمساك ، وقفت كثيرًا أفكر في تغير كلاهما واكتشفت أن الزواج عبارة عن عسل وبصل ، فالرومانسية لا تدوم ، وغالبًا ما تتبدل بالمسئولية والروتين ، ولكن بالطبع بالمشاركة بين الزوجين وتقبل كلًا منهما للأخر يمكن أن تتجدد الرومانسية وتأخذ شكلًا جديدًا .الهدف من الزواج هو سبب الحياة ولولاه لأنقرض الإنسان ، ولكن الزواج عبارة عن عسل وبصل ، حتى ننال العسل يجب أن نتحمل البصل .