تعد هذه القصة من روائع الكاتب جوناثان سويفت ، والتي أحدثت ضجة كبيرة جدًا عند إصدارها ، وهذا هو الجزء الأول من أجزاءها الأربع ، والقصة لطبيب يدعى لومويل جيلفر ، كان لديه شغف كبير بالمغامرات.فركب البحر بأمواجه العاتية وطاف بالبلدان ، وتعرف على ثقافات الشعوب المختلفة ، لكن رحلاته لم تخلو أيضًا من الأهوال ، وتم اقتباس هذه الرواية في العديد من الأفلام والمسلسلات ، وأخر فيلم عنها تم إصداره عام 2010مقصة جيلفر في بلاد الأقزام :
ولد جيلفر في عائلة متوسطة الحال ، تعلم الطب وبرع فيه ، وتزوج من امرأة طيبة القلب تدعى مارى ، أقنعها جيلفر برغبته في السفر للعمل كطبيب متنقل على متن السفن ، فوافقته الرأي أملًا في سعة الرزق ، ووفرة المال .وبالفعل سافر جيلفر على متن سفينة تدعى بريستول ، وظل يعمل عليها مدة ثلاث سنوات ، ولكن في مرة من المرات تعرضت السفينة لعاصفة هوجاء ، أطاحت بالملاحين والربان وكل من على متن السفينة التي تحطمت ، بفعل ارتطامها بأحد الصخور .استطاع جيلفر أن ينجى بنفسه بأعجوبة شديدة ، حيث قذفته الأمواج العاتية على إحدى الجزر القريبة ، حينما وطأت قدم جيلفر أرض تلك الجزيرة استسلم لنوم عميق على العشب الأخضر.وحينما استيقظ ، لم يستطع الوقوف فقد وجد نفسه مكبلا من شعره ورقبته وصدره وقدمه بخيوط رفيعة جدًا ، وسمع بجوار أذنه همس خافت لأصوات تتحادث ، فصرخ جيلفر صرخات مزعجة ، ارتجف لها المحيطين به ، فقد كان حوله 40 رجلًا لا يتعدى طول الواحد منهم 15 سم .استسلم جيلفر ، ولم يتحرك من مكانه في محاولة لتهدئتهم ، وأثبت لهم حسن نيته ، واعتلى كبيرهم خشبه بمواجهة وجه جيلفر ليتحدث معه ، ولكن دون فائدة ، فلم يكن يفهم لغتهم ، ولم يكونوا على دراية بما يقول.لقد برع هؤلاء الأقزام في الهندسة على الرغم من صغر حجمهم ، فقد بنوا عربة كبيرة تجر بمجموعة كبيرة من الخيول لحمل الأشياء الضخمة ، وقد استفادوا بها كثيرًا في حمل جيلفر إلى قصر الإمبراطور الذي رحب به.وأمر علماء ليبلوت كان هذا هو اسم الجزيرة التي وصل إليها جيلفر بعد تحطم سفينته ، أمرهم أن يعلموا جيلفر لغة الآهلين ، وكذلك أمر ستمائة من الخياطين بحياكة ثوب لجيلفر يشبه الزى الرسمي الذي يرتدوه .اعتاد أهل ليبلوت على وجود جيلفر ، وأصبح وجوده أمرًا هامًا في حياتهم ، في تلك الأثناء تعرف جيلفر على حياتهم ونظم الحكم لديهم ، وعلم أن ارتقاء المناصب لديهم لا يتم إلا من خلال اجتياز بعض الألعاب الخطرة.وقد منح الإمبراطور لجيلفر حريته ولكن مقرونة بعدة شروط من أهمها ، أن يكون عونًا لهم ضد أعدائهم سكان جزيرة بليفسكو ، وأن يساعدهم على إيصال البريد للمناطق البعيدة ، ويقسم على عدم إيذاء أحد منهم ، فقد كان جيلفر عملاقًا بينهم ، يستطيع أن يحمل منازلهم وقصورهم وهم أنفسهم بيديه.بعد فترة احتدم الخلاف بين أهل ليبلوت ، وأهل بليفسكو ، واشتعلت بينهم الحرب لمدة ثلاثين شهرًا وكانت حربًا عنيفة جدًا ، ويرجع سبب نشوبها إلى اختلافهم في طريقة كسر بيضة الدجاج !استعان ملك ليبلوت بجيلفر الذي وافق أن يكون جندي من جنوده لردع أسطول بليفسكو بعيدًا عن شواطئ ليبلوت ، وبالفعل استطاع جيلفر أن يفعل هذا بكف يديه ، مما أذهل أهل بليفسكو وكبدهم الخسارة ، وقد رغب الإمبراطور في ذل أعدائه إلا أن جيلفر عارضهم في ذلك ، مما أشعل غضب الإمبراطور .بعد أيام قليلة اشتعلت النيران بقصر الإمبراطور ، وما إن سمع جيلفر بالحريق حتى هم لتقديم المساعدة ، وبالفعل استطاع إخماده بسكب حوض الاستحمام الخاص به ، ويا ليته ما فعل ، ففي ليبلوت سكب الماء غير النظيف على القصر ، أو بالقرب منه يعد جريمة عقوبتها الإعدام ، ولكن لم يغفر لجيلفر حسن نيته ، ورغبته في المساعدة ، فدبروا لقتله رغم أنه كان بمقدوره أن يفنيهم ، ولكنه كان قد أقسم على عدم إيذاء أي منهم .ولما علم جيلفر بما يدبرونه هرب على جزيرة بليفسكو ، وهناك رحبوا به واستقبلوه بحفاوة ، وبعد ثلاثة أيام من وصوله لتلك الجزيرة الجميلة وجد زورق به بعض العيوب على حافة الشاطئ ، فأصلحه ، وأدخله ميناء بليفسكو ؛ ليستعد للعودة إلى الوطن ، ولما رأى أهل بليفسكو هذه السفينة العظيمة تعجبوا من شكلها وحجمها .طلب جيلفر من الملك الإذن بالرحيل ، فوافق وجعل في خدمته خمسمائة عامل حتى اتمم عمل الشراعين ، وحزن الإمبراطور وحاشيته لرحيل العملاق جيلفر حزنًا شديدًا ، وبعدها ركب جيلفر زورقه ، وسار يمخر عباب البحر حتى أدرك سفينة قريبة منه ، فنشر شراعه مستنجدًا بها ، وبعد نصف ساعة وصلوا إليه ، وتحقق أمله في النجاة والعودة إلى الوطن حيث زوجته وأبناءه .