المارسلييز هي أغنية الحرية التي ظل الجميع يرددها رغم صوب البنادق نحوهم .نبذة عن المؤلف :
هو ليونيد أندريف الكاتب الروسي ولد عام 1871م وتوفى عام 1919م ، وامتازت أعمالة بالنظرة التشاؤمية ، وجميع موضوعاته عن معاناة النفس البشرية ، من أشهر قصصه الضحكة الحمراء التي كتباها عام 1904م .القصة :
كان نكرة له روح أرنب واستسلام دابة ، ذلك عندما رماه القدر بسخرية ضحكنا كالمجانين حين فكرنا أن مثل تلك الأخطاء الشنيعة والفاحشة ترتكب ، أما هو فقد بكى ، لا رأيت رجلًا قط تنهمر من عينيه الدموع بهذه الوفرة كان أشبه باسفنجة غمست في الماء ثم اعتصرت ، فقد رأيت في صفوفنا رجال يبكون ولكن دموعهم كانت نارًا تجفل منها الوحوش ، فكانت تلك الدموع الجبارة تسرع الوجوه إلى الهرم .كانت أشبه باللابة المنطلقة من أحشاء الأرض الملتهبة تترك على الأرض آثار الحريق ، وتدفن تحتها مدن كاملة بآسرها ، أما هذا الفتى فكان حين يبكي لا يعدو ولا يحمر أنفة ويبتل منديله ، وكان طيلة عهد النفى يلجأ إلى ذوي السلطان ينحي ويبكي ويقول إنه بريء ويتوسل إليهم أن يرحموا شبابه ، ويعاهدهم ألا يفتح فاه طوال عمره .ولكنهم كانوا يضحكون منه كلما فعل ذلك ، ويطلقون عليه لقب الخنزير الصغير ، وعندما ينادونه يهرع إليهم مباشرة راجيًا مثل كل مرة ، لعله يسمع خبر عودته إلى موطنه ، قالوا لقد يأتي إلينا يدفعه فزع حيواني من الوحدة ولكن وجوهنا كانت صلبة ، فهو عبثًا كان يبحث عن المفتاح وإذا حار في أمره دعانا أصدقاءه ولكنا كنا نهز رؤوسنا ونقول حذار قد يسمعك أحد .فلا يخجل أن يلتفت إلى الباب ، أكنا تستطيع عندئذ أن نمنع نفسنا من الضحك ، لقد كنا نضحك بأفواه ألفت الضحك منذ عهد طويل ، ثم يشجع ويهدأ ويقرب مجلسه منا ويحدثنا ويبكي كتبه العزيزة التي خلفها ورائه على المنضدة ، أمه وأخواته لا يدري أهم أحياء أم أهلكهم الروع الروسي ؟ولما بدأ الإضراب عن تناول الطعام أصابه الفزع ولكنه فزع مضحك لا سبيل لوصفه ، يمسح بمنديله جبينه الذي ظهر عليه لا أدري أهو العرق أم الدموع ، ثم سألنني بتردد هل ستضربون طويلًا عن الطعام ، فأجبته بغلظة شديدة سنضرب طويلًا ، ثم قال ألا تأكلون أي شيء خفية فأجبته بجد سترسل لنا أمهاتنا الفطائر فنظر وأومأ برأسه وذهب وفي اليوم التالي أخضر لونه من الجوع وقال أيها الرفاق إنني سأصوم معكم ، فقلنا صم وحدك .ولقد صام ولم نكن نصدق ذلك ظننا أنه يأكل بعض الأشياء خفية وكذلك ظن الحراس فلما أصابه تيفوس المجاعة قلنا له يالخنزير الصغير المسكين ، ولكن واحدًا منا فقط لم يضحك وقال إنه رفيقنا فلنذهب إليه ، كان يهذي هزيان المضطرب يثير الإشفاق كما كانت حياته كلها ، كانت يتحدث عن كتبه العزيزة وأمه وأخوته .كنا جميعًا بالحجرة وهو يموت واسترد وعيه قبل الموت ورقد صامتًا ووقفنا نحن صامتين وسمعناه يقول غنوا على المارسلييز حين أموت ، ولكننا بكينا جميعًا وكانت دموعنا ملتهبة كالنار ، مات هو وغنينا المارسلييز كنا نغني الأغنية العظيمة أغنية الحرية بأصوات طامحة شابة والمحيط يرددها متوعدًا وأصبح شعارنا منذ ذلك اللحظة ذلك النكرة بجسمه الذي أرنبًا وبروح الإنسان العظيم ، كنا نغني وكانت البنادق مصوبة إلينا ولكن الأغنية كانت تدوي عاليًا عاليًا .