عمل شاق من القصص الجميلة تدور حول حارس مقبرة تم التحايل عليه لسرقة كنوز من الكنيسة بطريقة ذكية .عن المؤلف :
أنطون تشيخوف من أهم كتاب القصة القصيرة بالقرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ، ولد عام 1860م ، من كبار الأدباء الروس درس الطب في جامعة موسكو ، استمر بالطب بجانب الكتابة .القصة :
في إحدى ليالي شهر مارس والسحب مدجنة ، قد سيطر الضباب فطوى الأرض والسماء ، هب الحارس فجأة وقد طرق أذنيه لغط وهسيس لبعض الناس يمضي في مطارب المقبرة فصاح فجأة هل أحد هنا ولكن دون إجابة ، وقد توجس ثم كرر النداء فأجابه صوت لرجل هرم يقول أنا ذا أيها الرفيق .فقال له ولكن من أنت ، فقال أنا رجل جوال ، فصاح الحارس في صوت يحاول أن يخفي الفزع فقال له أي شيطان رمى بك إلى هنا ، اتتجول بالمقبرة ليلًا ، فقال الرجل أتقول أن هذه مقبرة فقال له ألا تلمح ذلك .فتنهد الرجل الهرم وقال آه لا أقدر على إبصار شيء إن الظلمة حالكة فلا يستطيع الإنسان أن يرى أمامه فقال له ولكن من أنت ، فقال الرجل أما قلت لك زائر جوال ، فقال ولكن هناك أصوات تهمس معك أين هي ، فقال إني بمفردي يا صديقي إني وحيد ، فدنا الحارس من العجوز وقال له فكيف وصلت إلى هنا .فقال له لقد ضللت سبيلي بينما كنت أقصد طاحونة ميتربافسكي ، أهذا طريق الطاحونة ، فقال له كان ينبغي أن تسير إلى يسارك ثم تدوم سيرك على استقامة ، فقال له بالله أين الطريق الذي علي أن أسلكه ، فقال امض أمامك في هذه المطربة حتى تصل إلى باب المقبرة فافتحه وانطلق في طريقك واحذر أن تقع بالخندق ، فقال له أسأل الله أن يسبغ عليك بوافر الصحة ، ألا يمكنك أن تصحبني نحو الباب .فقال له كأني بك ترى عندي وقت لكي أضيعه عبثًا في السير معك ، أمضي وحدك ، فقال له كن رحيمًا يرحمك الله بالله أرني الطريق ، فقال له أيدور في خلدك أن وقتي متسع لصحبتك ، فقال له نشادتك بالله قدني إلى الباب لا أقدر على إبصار شيء ، كما أني أخشى هذه المقبرة وما يدور فيها من أرواح وأشباح .فقال له ليس لدي سبيل إلى الخلاص منك ومن ثرثرتك هيا إذًا إيها العجوز ، ثم مضى الرجلان متلاصقين في صمت رهيب ، ثم قال الحارس بعد أن طال أمد الصمت ، فقال شيء يثير حيرتي وتساؤلي ، كيف تسنى لك أن تدلف إلى هنا مع أن الباب مغلق ، أتسلقت الحائط .!فقال له لست أدري أيها الرفيق لا بد أن الشيطان مس عقلي ألست حارس المقبرة فقال له بلى ، أنت وحدك تقوم بحراسة المقبرة كلها ؟ ، ثم ارتفعت ريح عاصفة كادت أن تنزعهما من مكانهما ، فقال إنا هنا ثلاث رجال واحد مضطجع في فراشه محموم ، والآخر مستغرق في نومه ، ونحن الاثنين نتبادل الحراسة ، فقال له ولكن من أين أتيت ، قال كنت عند صديق في فولجدا ، ثم توقف الحارس برهة ليشغل غليونة .وقال الرجل الغريب إن الراحلين راقدون إنهم راقدون سواء لا فرق بين غني وفقير ، أنهم واحد وهكذا سيمكثون إلى يوم يبعثون ، فقال له الحارس إننا لنسير في هذا المكان الآن وبعد حقبة تطوينا الأرض ، لا مجال للريب في ذلك كلنا جميعًا إلى هذا المصير .فقال الحارس إن الموت لأدنى إليكم معشر الجوالين منا نحن من نستقر على الأرض على الدوام ، فقال الرجل إن هناك أنواع متباينة من الجوالين يا سيدي ، فمنهم من أنزل الله السكينة على قلبه ، فراح يصلي ويعبد الله ، ومنهم من أصابه الفجور فراح يعربد ويأتي بالمنكرات ، إن هؤلاء يتجولون بالمقابر لتتصل أنفسهم بالشياطين ، وهناك من في مقدورهم أن يهووا بفأسهم على هامة رأسك فقال له عمن تتحدث أيها العجوز ، فقال لا شيء يخيل إلي أن هذا هو الباب فقال له نعم .فتلمس الحارس الطريق وفتح الباب وقاد الرجل إلى الخارج ، فقال له هذا هو منتهى المقبرة وعليك بالانطلاق عابرًا الحقول حتى تدرك الطريق واحذر الخندق فقال العجوز وما الذي يدفعني لأذهب لطاحونة إني أفضل البقاء هنا .فقال وما الذي ترجوه من اللبث هنا ، قال ستجد من يؤنس وحدتك ويفرج عنك كربك ستظل تذكري بلا شك ، إذن من أنت أنا رجل ميت لقد خرجت من لحدي الآن ، ألا تتذكر جيرياف القفال الذي شنق نفسه .لم يصدق الحارس ما قاله العجوز ، صاح الحارس يحاول نزع ذراعه من يدي العجوز وقال له دعني أذهب بالله عليك وأمضي في طريقك ، تهاوى الحارس وبدأ يرتعد لا يستطيع الصياح ولا الاستغاثة ، ولكن فجأة أنطلق الرجل العجوز ورجل الحارس ليرى الكنيسة قد سرقت ، فأدرك سر الرجل العجوز أنه لص أراد أن يأخذ الحارس بعيدًا لكي يهيئ الفرصة لزملائه من اللصوص ، وعادت صوت الرياح كأنها تسخر من الحارس ..!