قصة أحاديث حول الأهمية

منذ #قصص عالمية

كنا هناك نمهد الأرض فقال أنطونيو : في بعض المرات نشعر أن لنا أهمية ، قلت له : في بعض المرات ، أما هو فقد أردف : إن العالم يدور على سبيل المثال فهل تعتقد أن شخصاً آخر سيعود ويمهد الأرض في هذا المكان ، حيث أقف أنا الآن ..نبذة عن المؤلف :
يعتبر ايتالو كالفينو من أبرز الشخصيات المهمة والفريدة للأدب الايطالي المعاصر ، فهو روائي وناقد صحفي لعب دوراً مهما في الحياة الفكرية الإيطاليه ، ولد ايتالوكالفينو في 15 أكتوبر 1923م ، في سانتاغيو لاس فيغاس بجزيرة كوباله عدد من الأعمال القصصية الهامة .بداية النقاش حول الأهمية :
قلت له : إنهم يمهدون الأرض عادة في هذه الأمكنة ، لكنه قال : أنت لم تفهم ما أريد قوله ، وتابع أي أن يأتي شخص آخر تماماً إلى هذا المكان هنا ، ويضع قدميه واحدة هنا والأخرى هنا ، حيث أضع قدمي ويمهد هكذا تماماً مثلما أمهد أنا الأرض الآن .اختلاف في المفهوم :
إن الجميع يمهدون الأرض بشكل متساوي ، قلت له ذلك لكنه لم يصغ إليّ ، أنا أقول إن أحداً ما لم يمهد الأرض هنا ، ولن يمهدها أحدُ أبداً مثلما أمهدها أنا هنا ، فقلت له : سأجعلك ترى ، سأذهب الآن وسأمهد الأرض ، فقال لي : لا هذا لا يساوي شيئًا فأنت تمهد بطريقة مختلفة ، قلت له : هل تعني أن مجرفتك مكسورة ؟!اختلاف وعناد:
أنت لا تفهم ما أقول ، كرر لي ، إن العالم هو الذي يختلف دائماً ، وفي تلك اللحظة المحددة وفي ذلك المكان المحدد نضع هناك رجلاً يمهد الأرض وبعد ذلك لا نضعه ثانية ، قلت له : علينا أن نعود لنمهد الأرض عند الغد .إلا أن أنطونيو كان معانداً وتابع : هل تفهم أن تاريخ العالم يصبح مختلفاً إذا مهدت الأرض أو إذا لم أمهدها ، وتوقف عن التحدث ، سألته : وماذا أنت فاعل الآن أجاب : هل ترى ؟ في هذه اللحظة ، في هذا المكان كان بالإمكان وجود شخص يمهد الأرض ، لكنه على عكس ذلك ، غير موجود ، وهذا هو الشيء الجميل أي أن اللحظة لا تعود ثانية .وإذا ما كنت موجوداً فتمهد الأرض جيداً ، وإذا لم تكن فلا شيء ، إن ضربة المجرفة التي كان بإمكانك أن تضربها في تلك اللحظة لن تضربها ثانية ، ولن يحصل تاريخ العالم على ضربة مشابهة أبداً .اختلاف العالم :
قلت فلنر ، وتوقف عن تمهيد الأرض . هل تغيّر ؟ ، فقال : ما الشيء الذي تغّير ، قلت له : أقول إذا ما تاريخ العالم يتغيّر؟ ، فألح : أنت لم تفهم ، إنه يتغير أيضاً لومهّدت الأرض ، يتغير ذلك الكثير الذي تفعله أو لا تفعله وإذا ما فعلت شيئًا ما فإنك لا تقوم بشيء آخر وهكذا فإن تاريخ العالم يفقد ذلك الشيء الآخر ، قلت له : بالتأكيد إن المرء يشعر بنفسه مهماً وهو يفكر بذلك .الآخرون والأهمية :
وسئلنا الآخرون : لماذا لم نكن نمهد الأرض ؟.. فلم أعرف كيف أشرح لهم الأمر جيداً ، وقلت : إنه أنطونيو الذي يقول أشياء كثيرة وإن المرء يمهد الأرض بشكل مختلف فسأل الآخرون : وكيف يمهد المرء بشكل مختلف ؟ .أجاب أنطونيو : أريد أن أقول إن ضربة مجرفة أقوم بها أنا بطريقة ما ، وأضرب ضربة أخرى بطريقة مختلفة ، وهكذا فإن ضربات شخص ما هي مختلفة فيما بينها ، ومختلفة أيضاً عن ضربات الآخرون ، سأله الآخرون وقد بدا عليهم انشغال البال : حتى ضربتنا أيضاً ؟ وعلى الفور ذاع الخبر : هناك شخص يقول إن تمهيد الأرض يتم بشكل مختلف !أنطونيو والاختلاف :
كما شرع شخص اسمه جينو بالبكاء ، فقال : إنني أفعل الممكن كي أمهد الأرض بشكل متساو وليس بمستطاعي أن أفعل أكثر من ذلك ، فغضب منه أنطونيو وقال : ماذا ، أتبكي أيها الأهبل ؟ أنا مسرور لكوني أمهد الأرض بضربات مختلفة ، لكن الجميع كانوا منشغلي البال وأصبحوا يفكرون قبل القيام بضربة مجرفة ، ولم يعد يرغب الكثيرون منهم بتمهيد الأرض وانصرفوا ، لقد أدخلت كثيراً من تلك الأفكار إلى رؤوسنا ، إن تمهيد الأرض لم يعد بالنسبة لنا مثل ذي قبل ولا نستطيع ذلك ، وهكذا نحن ذاهبون هنا .استياء:
استاء أنطونيو من ذلك وقال : ولكنني لم أقل ذلك أبداً من أجل ذلك الأمر ، كنت أعتقد أنهم سيصبحون بعد ذلك أكثر سروراً وهم يمهدون الأرض ، انظر شرحت له ، لم يكن أحد منا يفكر بهذه الأمور أبداً كنا نمهد الأرض وكفى .تشابه واختلاف :
فقال : ربما هذا ، فأنا كنت أنظم القصائد من قبل ، سألته : متشابهة أو مختلفة ؟… مختلفة ، دائماً تختلف الواحدة عن الأخرى ، ثم أنني لم أكن سعيداً عندما وضعوني هنا لأمهد الأرض ، إنما الآن ، وبعد أن اكتشفت هذه العملية فإن تمهيداً الأرض يبدو لي أكثر جمالاً ، فقلت له : لا يبدو بالنسبة لي ، وإنني لم أكن أفكر بذلك ، ولم أعد أفلح الآن بتمهيد الأرض مثل ذي قبل ، ولا أفكر بها إذا كانت متشابهة أو مختلفة ، وهكذا فأنا ذاهب .النهاية وسرور :
سألني : وأنا أيضاً ؟.. فقلت له : أنا أيضا ، ولأنه كان حزينا قلت له : تعال يا أنطونيو سأترك لك مجرفتي وهكذا ، يمكنك أن تجرف قليلاً بمجرفتك وتجرف قليلاً بمجرفتي ، وسيبدو لك أنك تقوم بذلك بشكل مختلف أكثر بكثير ، لم يقل شيئاً لكنه كان يبدو مسروراً من ذلك .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك