قصتنا اليوم عن أحد أبرز علماء شبه الجزيرة العربية المعاصرين ، إنه عالم بأمور الشريعة ومؤرخ موسوعي ، وأديب فصيح ، وشاعر زاهد إنه الشيخ هاشم رحمه الله.مولد الشيخ هاشم النعيمي :
ولد الشيخ في عام 1331هـ في ضاحية على بعد 8 كليو مترٍ تقريبًا غرب مدينة أبها ، وترعرع بها وتلقى العلم على يد علمائها ، حيث نشأ نشأةً علمية كان لولده أكبر الأثر فيها ، فقد كان والده قاضيًا .حياته العلمية :
التحق الشيخ بكتاب قريته كعادة الصبيان فيها ، ونال قسطًا من العلم في الحديث والتفسير واللغة العربية ، والقرآن الكريم ، ومبادئ التوحيد والفقه والتجويد على يد الشيخ محمد الحاج ، ثم أتم تعليمه الابتدائي في أول مدرسة ابتدائية في أبها ، وفي ذلك الوقت كانت دروس العلم في الحرم الشريف ، فانتقل الشيخ ولازم دروس شيوخه في الحرم.حياته العلمية في الحرم المكي الشريف :
بعد انتقاله للحرم أخذ علم الحديث عن الشيخ عبد الحق الهندي ، فقرأ عليه مجموعة من الكتب كان منها الأربعين النووية والموطأ لابن مالك ، وأخذ علوم اللغة والنحو والصرف عن الشيخ عبد القادر كرامة البخاري ، وقرأ التوحيد والفقه والفرائض على الشيخ عبد الله بن يوسف الوابل ، كما قرأ عليه صحيحي البخاري ومسلم ، وتفسير ابن كثير .حياته العملية :
عُين الشيخ في عدة مناصب فتولى التعليم في مدرسة أبها الابتدائية ، في مواد الفقه والتوحيد والنحو والتجويد ، كما تولى القضاء في محاكم عسير ، وكان آخر المناصب التي أُسندت إليه رئاسة محكمة أبها المستعجلة ، ثم تقاعد بعدها في عام 1412هـ ، فكان من أفضل القضاة نزاهة وعدلًا .مناصبه الدينية وإمامة المساجد :
تولى الشيخ الكثير من المناصب التعليمية والقضائية ، إلا أنه لم يتخلَ عن إمامة المساجد منذ نشأته فقد تولى إمامة جوامع عديدة منها في ضاحيته في أبها ، والجامع الكبير بها ، ثم مسجد الملك فيصل .شِعْرَه :
يذكر لنا المحققون أن الشيخ كان شاعرًا لكنه من المقلين ، فلم تُحفظ قصائده ، ومن قصائده التي يتغنى بها أهل أبها قصائده في وصف الطبيعة الجميلة .علمه بالأنساب :
كان الشيخ _رحمه الله_ ، يحفظ الأنساب جيدًا لكثرة اطلاعه على كتب الأنساب ، ومخالطته القبائل ، وكان علمه بالقبائل في عسير هائل فألف كتابًا حفظ به أنسابهم الأشراف منهم وغير الاشراف .مؤلفاته :
تتنوع مؤلفات الشيخ فمنها : التاريخيّ كـ(تاريخ عسير في الماضي والحاضر) وتتنوع الموضوعات التي ناقشها فيه فمنها السياسي ، ومنها العسكري ، وكذلك الشأن الاجتماعي ، وجغرافيا المكان وسلالات أنساب قبائلها وسكانها ، كما أنه ألف الكتب عن مدينة أبها في سلسة كتب ومؤلفات مع عدد من المؤرخين تتناول معظم مناطق المملكة ، كتب في الجغرافيا خصوصًا جغرافيا عسير ، فوضع معجمًا جغرافيًا لقراها ومدنها ، وله كتب في التاريخ والشريعة والأنساب والأدب .جوانب مضيئة في حياة الشيخ :
لشخصية الشيخ جانبان مهمان جدًا هما : الجانب التربوي ، وقد انعكس ذلك على أبنائه فقد وصلوا لأعلى المناصب في الدولة ، والجانب العلمي ، وهو ينقسم كذلك إلى جانبين : الأول قدرته على الجمع والتأليف ، فقد بذل الشيخ جهدًا مضاعفًا في الجمع والتأليف ، ويتضح ذلك من خلال تاريخ عسير فهو كتاب رائد والأول من نوعه عن تاريخ المنطقة ، ويرجع إليه كل من يبحث عن تاريخ المنطقة ، والثاني : شخصيته الموسوعية التي تذكرنا بكتب الأقدمين ، فالشيخ كان عالمًا في أكثر من مجال .ثناء العلماء عليه :
أثنى العلماء على مصنفات الشيخ ووصفوا عمله بالجد والتأني ، وتحري الدقة ، وذكر من يعرف الشيخ أنه كان يحكم بين الناس في الطرقات وكانوا يرضون حكمه.وفي عمله الجغرافي أثنى العلماء عليه منهم الدكتور فهد السماري ، الذي ذكر أن الشيخ كان يصف المواقع الجغرافية بمنتهى الدقة ، وفي تسلسل علمي دقيق ، كما أشاد بموسوعات الشيخ الجغرافية ، التي كان ينزل إليها الشيخ بنفسه لتحري العمل الدقيق ، ومن دقة أعماله ألفت عنها رسائل الماجستير كما ذكر المؤرخ الدكتور سعد بن عثمان .جهود الشيخ في مجال الكتابة في الصحف والأمسيات الأدبية :
كان الشيخ ينشر مقالاته في مجلة العرب ، وهو أمر لا يعرفه الكثيرون ، وساهم في كثير من الأمسيات الثقافية في مركز الملك عبد العزيز الثقافي وأكد فيها على ضرورة تحري الدقة في التاريخ وملابساته .وفاته :
توفي الشيخ في عام 1431هـ ، عن عمر ناهز المائة عام ، وشيعته منطقته بحشد كبير جدًا من أهالي المنطقة والعلماء والأدباء ، والمؤرخون ، رحم الله الشيخ هاشم رحمة واسعة جزاءً لما قدّم من العلم .