الأميرة وضحى آل عريعر ، أو كما يطلق عليها أم الضعفاء والمحتاجين ، بدأت القصة برغبة من الملك عبد العزيز رحمه الله في جمع شمل أبناء الأسر الكبيرة والقبائل ، فكان يعدد الزوجات من القبائل المختلفة ، وكان هدفه أن يخلق علاقة أسرية بين القبائل في المملكة .وكانت الأميرة وضحى بنت محمد بن حمادة بن مشاري بن حسين بن محمد بن حمادة بن عريعر بن دجين بن سعدون آل عريعر ، والتي كانت تنتمي لقبيلة بني خالد ، وهي والدة الملك سعود وتزوجت من الملك حين كان في الكويت .عُرف عنها أعمالها الخيرية والتي كانت تحرص بنفسها على متابعتها ، وعرف عنها أنها تركت وصية بان تستمر أعمال البر والصدقات على الفقراء ، وقد أوصت كذالك بإنفاق دخل مزارعها كاملًا على الأعمال الخيرية والبر ، بالإضافة إلى وهب ثلث مالها للفقراء والمحتاجين .الزواج :
لم تكن الأميرة وضحى هي الزوجة الأولى للملك ، فقد تزوج الملك قبلها شريفة بنت صقر الفجري ، وكانت من بني خالد أيضًا ، ولكنها توفيت بعد الزواج بستة أشهر فقط ، وحين تزوجها الملك كان في السابعة عشر من عمره .تزوج الملك من الأميرة وضحى والتي أطلق عليها أم أول الأنجال ، حيث أنجبت الأمير تركي عام 1900م ، وتوفي الأمير تركي بالحمى الأسبانية وهو بالتاسعة عشر من عمره ، وأطلق على هذا العام سنة الرحمة ، حيث أنه حصد الكثير من الأرواح بسبب انتشار الأمراض التي خلفتها جثث ضحايا الحرب العالمية الأولى .بعد تركي رحمه الله أنجبت الأميرة الأمير عبد الله والأمير خالد والأميرة منيرة وتوفي الثلاثة في أعمار مختلفة ، وأنجبت أيضًا الملك سعود ، والذي كاد يموت هو الأخر مثل إخوته ، ولكن رحمة الله حالت دون موته وتم علاجه .كانت شديدة الحنان ، وقد قيل أنها احتضنت الأمير فهد ابن عبدالعزيز حين توفيت والدته ، وقد توفي الأمير فهد في نفس العام مع الأمير تركي ، وبعدها بعامين ولد الأمير فهد الثاني ، كما سبق وذكرنا تزوج الملك من الأميرة في الكويت ، حين كانت تعيش مع والدتها وشقيقتها ، كانت والدتها عبطاء السرداح وقد عرف عنها أنها قوية الشخصية وشديدة الصبر والتحمل ، وقد سافرت مع الأميرة وضحى حين انتقلت إلى الرياض وعاشت معها حتى أخر عمرها .وقد تزوج الملك بالأميرة ، وتزوجت شقيقتها الأميرة حصة بالشيخ مبارك آل الصباح ، والذي كان حينها أميرًا الكويت ، وكان لأسرة الأميرة وضحى علاقة وطيدة بالأسرة الحاكمة في الكويت ، ومن هنا حدث الزواج .الانفصال :
حين انفصل الملك عبد العزيز عن الأميرة وضحى كان الكل يعتقد أن تنقطع العلاقات تمامًا ، لكن على العكس فقد استمرت العلاقة بكل حب واحترام بينهم ، وكان دائم الحديث عن مواقفها المشرفة وسعيد بمساندتها له حتى بعد الانفصال.وقيل أن الأميرة وضحى كانت من أول من تبعوا الملك عبد العزيز بعد ان استعادة الرياض ، وهو الأمر الذي جعل الملك يقدرها ويوكل إليها الكثير من المسؤوليات ، فعلى حسب الروايات من داخل القصر كانت الاميرة وضحى والأميرة نوره شقيقة الملك ، هن من يتحملن المسؤولية الكاملة في كل ما يتعلق بإدارة شؤون القصر الداخلية .الوفاة :
على الرغم من أنها كانت أميرة وتعيش في قصر الملك عبد العزيز ، إلا أن حياتها لم تكن سهلة ، فقد عاصرت وفاة جميع أولادها ، وشهدت جميع المعارك التي خاضها الملك عبد العزيز .ويقال أن حبها لأبنها الملك سعود بن عبدالعزيز كان شديدًا لدرجة أنها توفيت حزنًا عليه بعد أربعين يومًا فقط من وفاته في مدينة الرياض في (17 صفر 1389 هـجري الموافق 4 مايو 1969 ميلادي) ، وكان عمرها حينها تسعون عام ، حرصت خلال سنوات عمرها أن تكون مؤثرة ، وفاعلة في حياة الآخرين خاصة في حياة الفقراء والمساكين .فقد حرصت طوال عمرها على أن تعامل الآخرين بكرم وبلين كبير ، وكانت تعطف على المحتاج والضعيف ، وقد أوصت أن يخرج ثلث أرباح ممتلكاتها للفقراء كصدقة جارية ، أما الأموال فقد أوصت بأن يتم استثمارها من أجل الفقراء والمساكين .وقد وجدت العديد من الوثائق والمخطوطات الأثرية النادرة ، والتي تؤكد وصايا الأميرة وضحى ، والتي حددت في الوثائق سبل الإنفاق من أعمال خيرية ، ومنها دعم المحتاجين وكذالك عتق الرقاب ، ويقال أيضًا أنها كانت تنفق على حملات الحج ، وكذالك كانت تحرص على مراقبة أحوال أقاربها وذويها وكانت تحرص على مساعدة المحتاجين والضعفاء منهم ، وقد خصصت دخل مزارعها في الخرج والإحسان من أجل أعمال البر .