قصة علي العبداني

منذ #قصص نجاح

يوم بكت الصحافة كان سبب بكاءها العبداني الصحافي العصامي ، الذي وقع شهيدًا للعمل الصحفي ، فكان أول شهيد في المملكة في ميدان الصحافة ، بموته تناسته المراجع والكتب ، خفت ضوءه كما خفت صوته من الحياة ، أصبح في طي النسيان حتى أعاده الباحث سليمان بن محمد الحديثي ، فأتحف المكتبة العربية بمرجع شامل عن سيرة فقيد الصحافة السعودية علي بن حمد بن إبراهيم العبداني وهو كتابه يوم بكت الصحافة .مولده ونشأته :
ولد العبداني في أواخر عام 1353هـ بمنطقة القصيم وبالتحديد في مدينة البكيرية ، والده هو حمد العبداني ، وهو رجل من أهل البكيرية الجسورين الذين ذهبوا مع العقيلات للتجارة والعمل في رحلات خارج المملكة ، كما أنه عمل فترة بالغوص .فكان رجلًا مطلعًا على ثقافات الغير يعرف أهمية العلم والمعرفة ، لذا ألحق ابنه بالكتاب في سن الثامنة لكي يحفظ القرآن ويتعلم مبادئ القراءة والكتابة والعلوم والحساب ، ولكنه سرعان ما انقطع عن الكتاب في أوائل عام 1363هـ بسبب رحيله مع والده إلى الرياض .طلبه للعلم :
افتتحت أول مدرسة نظامية عام 1367هـ في مدينة البكيرية وهي مدرسة العزيزية ، وكان العبداني على رأس من التحقوا بها ، وأبدى استعداده للعلم والتحصيل حتى تخرج منها بتفوق ، ونظرًا لحاجتها للمدرسين عين أستاذًا بها وهو في السنة الخامسة ، فكان يُدرس لطلاب السنوات الأولى وفي نفس الوقت يكمل دراسته .وحين تخرج منها كان ترتيبه في المركز السابع على كل طلاب المملكة ، وبعد تخرجه ظل يدرس للطلاب بكل كفاءة حتى عرف بلقب الأستاذ ونال التقدير والمحبة في نفوس الآخرين حتى رشحه قاضي البكيرية الشيخ عبد العزيز السبيل ليكون إمامًا بمسجد الحسون ، وبالفعل أم المصلون وهو في الخامسة عشر من عمره إلى جانب التدريس .وظل العبداني في المدرسة العزيزية حتى افتتحت مدرسة أخرى في البكيرية عام 1372هـ  ، وهي المدرسة السعودية التي اختير للإشراف عليها والتدريس بها ، وقد تتلمذ على يده العديد من أبناء البكيرية ، ولأن العبداني رحمه الله كان شابًا طموحًا صارت به قدماه إلى الرياض حيث أكبر المراكز العلمية والإمكانيات المتعددة .لقاء الملك :
بعد وفاة الملك المؤسس رحمه الله وتولي الملك سعود مقاليد الحكم زار العديد من مدن القصيم ومن ضمنها البكيرية ، التي أقامت له حفلًا يليق بجلاله ، ووقع اختيار أهل البكيرية على الأستاذ علي العبداني الذي كان خطيبًا مفوهًا ، وحينما لم يكن قد تجاوز العشرين من عمره ، فألقى بخطبة عصماء نالت إعجاب الملك فسلم عليه وكافئه .المعهد العلمي :
انتقل العبداني إلى الرياض عام 1375هـ وأقام فيها بحي المربع والتحق بالمعهد العلمي الذي كان من أكبر المراكز العلمية حينها ، وتتلمذ على يد كبار علماء المملكة وغيرهم من علماء الدول العربية التي كانوا يفدون عليها ، وكان العبداني فاهمًا عالمًا لا يترك نقاشًا إلا وخرج منه بمعلومة أو فكرة ، فكان قوي الحجة سريع البديهة ، متفوقًا في العلم .العمل الصحفي :
اشتهر العبداني خلال دراسته بالمعهد ونال إعجاب شيوخه وأساتذتها ، وعمل مراسًلا لجريدة البلاد السعودية التي كانت تصدر من مدينة جدة أثناء دراسته بالمعهد ، فكان يوافيهم بكل ما يطل من أحداث في مدينة البكيرية ، وظل هكذا حتى تعرف على الشيخ حمد الجاسر مدير كلية العلوم الشرعية حينها.وقد كان الشيخ حمد لديه رغبه في إنشاء أول شركة للطباعة والنشر بمنطقة نجد ، كما كان يعمل على تطوير مجلة اليمامة فرأى أن العبداني هو الشخص المناسب لكي يقوم بهذا العمل ، وكان العبداني راغبًا فيه ، فعشقه للعمل الصحافي كان يتخلله منذ الصغر .العبداني كاتبًا :
تميزت مقالات العبداني بالجرأة وصدق اللهجة ، وأول مقال كتبه العبداني في اليمامة كان في الـ 21 من عمره ، وكان بعنوان في محيط التعليم : البيت والمدرسة ، وكان يحرص دائمًا على التطرق لمشاكل المجتمع السعودي وإيجاد الحلول ، فطالب بإصلاحات التعليم والطرق والصحة ودعم شبكة المواصلات والمطار وغيرها من القضايا الهامة .رحلته الأخيرة :
كان العبداني إضافة إلى عمله محررًا باليمامة يقوم بمهام رئيس التحرير أثناء غياب الشيخ حمد الجاسر وصادف أن استدعته المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر بجدة لأمر يتعلق باليمامة ، فسافر وقضى هناك أسبوع وعاد بعدها ليكتب أخر مقال له ” أسبوع في جدة ” ، لكنه لم يمكث سوى يومين وتم استدعاه مرة أخرى عام 1379هـ ، ولما انتهى من مهمته تفرغ للعمل الصحفي والوقوف على مطالب الناس هناك .وبعد تلك التغطية وبينما هو عائد من المدينة المنورة إلى جدة بالقرب من ذهبان تعرض لحادث مروري وتوفي بعدها بالمستشفى العام ببيت شريف ، الأمر الذي سبب صدمة مفجعة للكثيرين ، ولم يستطع المسعفون في البداية التعرف على هويته حتى نشرت جريدة البلاد الخبر يوم وفاته ، وأعلنت عنه الإذاعة السعودية .وقد خصص الملك سعود رحمه الله راتبًا شهريًا لأسرته ظل يصرف حتى عام 1384هـ ، والجدير بالذكر أنه بعد انقلاب السيارة التي كان يركبها الصحافي الراحل مات السائق علي اليماني ، ولم يستدل على شخصية علي العبدلي ، فدفن والتقطت له صورة حتى استدل عليه رجل الأعمال سليمان الراجحي وخاطب الشرطة واطلع على جواز سفره وأشياءه .وأكد أن المتوفى هو الصحافي علي العبداني وليس العبدلي كما كانوا يظنون ، بكت الصحافة حينها وبكى كل من عرف هذا الشاب الذي مات وهو لم يتجاوز السادسة وعشرين من عمره ، رحمه الله رحمة واسعة وجاد على المملكة بمن هم مثله .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك