هو العالم الفقيه الذي قرأ على يد العلماء فأحسن القراءة ، وتخرج من تحت يديه العديد من المشايخ والعلماء من أهل الفضل ، وكان الشيخ قرناس من أشهر رجالات وسط الجزيرة العربية ، توفي عنه والده وله من العمر سبع سنين ، فتولى تربيته أمير الرس آنذاك بوصية من والده هو وأخته الكبرى ، فنشأ نشأة طيبة أصبح على أثرها قاضي القصيم .مولده ونشأته :
هو الشيخ قرناس بن عبدالرحمن بن قرناس بن حمد بن علي بن محمد بن علي بن راشد المحفوظي ، من قبيلة العجمان من يام ، ولد في بلدة صبيح بالقصيم عام 1191هـ ، نشأ الشيخ قرناس عبدالرحمن وتعلم في كتاب الرس .وتتلمذ على يد مشايخ عصره ، وبعدها تنقل بين مدن القصيم لينهل من علم الشيوخ ، فدرس العلوم الشرعية وعكف على دراسة اللغة العربية ثم سافر إلى الدرعية وبعدها عاد ليصبح قاضيًا ومعلمًا في عدة مدن ، وظل هكذا حتى أتت حملة الوالي العثماني العسكرية ، فكان على رأس من تصدوا لها.رحلته في العلم :
تتلمذ الشيخ قرناس على يد الأئمة والعلماء من أهل الفضل ، ونال ثقة الإمام عبدالله بن تركي فتولى عدة مناصب قضائية ، كما أرسله الإمام سعود لينضم لجيوشه المرابطة في المدينة ، وعن علاقته بمشايخه يقول الباحث قبلان بن صالح أنه كان ملازمًا لهم في الأصول والفروع وعلوم الحديث ، حتى نبغ في فنون عديدة .وقد عرف عن الشيخ قرناس حسن الخط ، فكان ينسخ الكتب ويرفقها بالتعليقات التي يبديها من وجهة نظره ، وقد أفنى الشيخ عمره في الكتابة حتى سطر المؤرخون اسمه ، وخلدت الكتب ذكره .مهام متعددة :
ولي الشيخ قرناس منصب القضاء في الخبراء ولكن لم تطل مدته ، وبعدها رجع إلى الرس ولم يزل فيها إلى أن قدم الوالي العثماني بجيشه واستولى عليها عام 1232هـ ، ولما بلغه أن الوالي العثماني توجه إلى القصيم عائدًا إلى مصر إنحاز إلى قرية النبهانية غرب القصيم ، واستتر بها فكان يأوي إليها في الليل وفي النهار يستتر بغار قرناس ، وظل هكذا حتى تأكد من سفر الوالي فرجع إلى القصيم وصار قاضيًا عليهاوالجدير بالذكر أن الشيخ قرناس عمل بعد تمكنه من العلم بالمدينة المنورة وذلك بتكليف من الإمام سعود بن عبدالعزيز ، وظل الشيخ يتدرج في المناصب حتى ولي قضاء الخبراء ثم الرس ، ثم أمسك بزمام المبادرة في الدفاع عن بلدته بعد جرح أميرها ومحاصرة الباشا لها ، فوقف في وجهه هو وقائد السرية حسن بن مزروع الذي أرسله الإمام عبدالله بن سعود ، والأمير تركي الهزاني ، وبهذا التحدي سطر الشيخ قرناس بطولات عظيمة أثناء حصار الرس .ذيب وخطيب:
دام حصار الرس ثلاثة أشهر وسبعة عشر يومًا ، وكان هذا أطول حصار تعرضت له المملكة منذ قدوم المُكلف العثماني من مصر ، وقد واجه الشيخ فيه العديد من الانكسارات حتى اضطر للصلح عام 1332هـ ، ورغم هذا قام ليخطب الجمعة بصلابة وقلب مستقر حتى تعجب منه الوالي العثماني وقال فيه عبارته الشهيرة “ذيب وخطيب يا قرناس” ، وعن بطولاته في الرس استشهد الشاعر ابن دعيج ببعض الأبيات:وشب نار الحرب فوق الرس
ثلث السنة يضربهم بالقبس
وصبروا وصبرهم قربانًا
أصبر في الهيجاء من أبانا
رجال صدقٍ في اللقاء والبأس
أعيانهم وشيخهم قرناسوفاته :
ظل الشيخ قرناس يعمل في سلك القضاء حتى وافته المنية عام 1262هـ ، عن عمر يناهز السبعين ، وله من الأولاد سبعة محمد وصالح الذي عين قاضيًا للرس من بعده ، وحمد وعبدالعزيز وعبدالرحمن وسليمان وعبدالله رحمهم الله جميعًا ، وقد توفي الشيخ إبان حكم الإمام فيصل بن تركي ، تاركًا خلفه سيرة عطرة وعلم ينتفع به .