قصة صالح بن عذل

منذ #قصص نجاح

تزخر المملكة بالعديد من الوجهاء والأعيان الذين أثروا التاريخ بسيرهم وأخبارهم ، ومن بينهم الشيخ صالح باشا العذل الذي تقلد مكانة مرموقة بين جماعته ، كما حظى بنفس المكانة في ديوان الملك عبدالعزيز رحمه الله ، فقد كان من أوائل سفرائه وأقرب رجاله ، وقد حظى أيضًا بالعديد من الألقاب ومن أهمها لقب الباشوية الذي أهداه له الوالي العثماني آنذاك .مولده ونشأته :
هو صالح بن محسن بن عذل بن جاسر بن ناصر بن حمد بن محمد أبا الحصين بن علي بن راشد بن محفوظ من العجمان ، من يام التي تنتمي لقبيلة همدان ، ولد صالح العذل عام 1270هـ ، فنشأ خلال فترة حكم الإمام فيصل الثانية ، وقد ولد لأسرة ميسورة الحال لديها العديد من الأملاك الزراعية ، فقد كان والده محسن العذل من أكثر وجهاء زمانه .فقد قال المؤرخ عبدالله بن صالح العقيل عن والده : “وكان محسن يسعى لمصالح أهل بلدته ، ويحنو عليهم ويقيم طعام إفطار للصائمين في شهر رمضان المبارك بمنزله ، ويوقف مبالغ وأوزانا من التمور لمسجد البلدة وإمامه ومؤذنه ، كما كان له مقهى مشهورة يرتادها الناس ، ويكرمهم فيها وكان الصائمون يفطرون بها ، وكان يسهل على المزارعين ويقرضهم ، وله توجه في أعماله في المجالات الخيرية “.كان ابن عذل قد تزوج ثلاث زوجات وأنجب منهن ابنائه ، وهن رقية بنت على الجاسر التي أنجب منها حمود ودرهوم ، وموضي بنت الشيخ صالح بن قرناس قاضي القصيم الشهير ، والتي أنجب منها عبدالرحمن ، أما الثالثة فهي حصة بن عبدالمحسن بن بتال التي أنجب منها ابنه محمد.معارك فاصلة :
اشترك صالح بن عذل في العديد من المعارك بجانب قائده الأمير محمد عبدالله بن رشيد ، فقد أبلى بلاءً حسنًا في معركة المليداء الشهيرة سنة 1308هـ ، وحتى بعد وفاة الأمير وتولي بن متعب الإمارة استمر ابن عذل في مكانه حتى استقرت الأمور بعد خوض معارك روضة مهنا والبكيرية والشنانة .وقد اتصف بن عذل بالوفاء الشديد لقائده فبعد خسارته في معركة الشنانة لجأ بن عذل لجمع الأموال ، أملًا في تحسين الوضع السكري والسياسي لقائده ، الأمر الذي جعل الملك عبدالعزيز رحمه الله يعجب بوفائه وإخلاصه حتى أنه قال : من يوفي مع معزبه سوف يوفي معه .مهمته الدبلوماسية :
كان لابن عذل مكانه دبلوماسية رفيعة حيث كلفه الملك عبدالعزيز بحمل رسالة إلى السلطان العثماني عبدالحميد الثاني للتفاوض بشأن جلاء القوات العثمانية من منطقة القصيم ، ولاشك أن هذا الاختيار لابن عذل ينم عن ثقة الملك به وقدراته على المفاوضة بشكل دبلوماسي ومجدي ، لدرجة أن الخليفة نفسه أنعم عليه بلقب الباشوية ، وقد أفرد المؤرخون في كتب التاريخ صفحات عن هذا اللقاء الهام .ثقة متجددة :
تجددت ثقة الملك بقدرات ابن عذل وإمكانياته فجعله رجل المهام الصعبة ، وأوكل إليه أن يكون ممثله في الإحساء والتي كان يسعى للسيطرة عليها ، وقد كان هذا الاختيار نابعًا من حسن علاقة ابن عذل بالسلطات العثمانية منذ اللقاء السابق الذي جمعه بالخليفة في اسطنبول ، الأمر الذي جعله محل ثقة العثمانيين.ولم تكف بعثات الملك لابن عذل عن هذا الحد ، فقد وقع عليه الاختيار من قبل الملك المؤسس ليكون مبعوثه الدبلوماسي بجبل شمر ، حيث امتدت علاقاته الطيبة مع بيت الإمارة حيث كان وفيًا ومخلصًا لأل رشيد ، هذا بالإضافة لخبرته الطويلة وتمرسه في مهام المفاوضات التي ظل يمارسها حتى ناهز السبعين من عمره .إمارة الزكاة :
كان صالح بن عذل أحد الذين اختارهم الملك عبد العزيز ليكون من أمراء الزكاة ، وقد تميز كثيرًا في هذا العمل ، وبذل فيه جهود مضنية حتى إنه وصل في الجباية إلى بعض القبائل التي تقطن جنوب العراق ، الأمر الذي أقلق السلطات البريطانية وجعلها تعتقله في بغداد عام 1342هـ الموافق 1923م ، مما أثار حفيظة الملك عبدالعزيز وغضبه وطالب بسرعة الإفراج عنه ، وفعلًا استجابت له السلطات البريطانية .وفاته :
تمكن المرض اللعين من ابن عذل ، ولم يمهله وقتً طويلًا حتى فارق بعدها الأهل والأحباب ، فقد توفي رحمة الله عليه في العاشر من محرم سنة 1350هـ الموافق التاسع والعشرين من مايو سنة 1931م ، ودفن في مقبرة العود بعد حياة مليئة بالعطاء والعمل تحت ظل الملك المؤسس .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك