يحكي أن ذات يوم أمر الملك وزيره أن يجهز العدة لقضاء بعض الوقت بين رعيته، شريطة ان يصحبه الوزير في هذا الوقت من دون حراسة أو جنود، وبالفعل جهز الوزير لنفسه وللملك ثياباً غير ثياب الحكم التي يعرفها الناس، وأخبر الملك بأنه علي استعداد للخروج .
خرج الملك مع الوزير في طريقهما في ساعة مبكرة من النهار، حتى وصلا الى رجل يمتلك بقرة فجلسا لديه وطلبا منه بعض اللبن، فأخذ الرجل يحلب البقرة امامهما فلاحظ الملك أن البقرة تأتي بلبن كثير لا تأتي به عشر بقرات، فقال محدثاً نفسه في طمع :
أنا لم ار من قبل مثل هذه البقرة الثمينة، فلبنها كثير ولابد ان آخذها من هذا الرجل.
بقي الملك ووزيره في ضيافة هذا الرجل صاحب البقرة، بينما خرج ابن صاحب البيت بالبقرة الى المرعى كعادته كل يوم، وفي المساء عادت البقرة من المرعى، وطلب الملك من جديد لبناً منها، ولكن حدث شيء غير متوقع هذه المرة، فالبقرة التي اعطت في اليوم السابق لبناً وفيراً لم تدر اليوم إليه اي لبن، تعجب الملك وسأل الغلام في اهتمام : هل رعت البقرة في غير مرعاها المعتاد كل يوم ؟
هز الغلام رأسه نفياً، فسأله الملك : اذن لماذا لم تعطينا لبناً مثل لبن الصباح ؟!
لم يكن احد يعرف السبب وراء هذا، غير الملك الذي عزم على اخذ البقرة فعلم أن الله سبحانه وتعالى قد حرمه من لبنها حتى لا يظلم صاحبها ويأخذها منه ظلماً وعدواناً وهنا تغيرت نية الملك بعد أن ظهر الحق امامه وقال للرجل : قم فاحلب بقرتك، بارك الله لك فيها، فقام الرجل وحلبها وعاد اللبن اكثر مما كان، نظر الملك الى الوزير قائلاً : هل شاهدت ما حدث ؟ رد الوزير : إني في عجب من هذا الأمر يا مولاي، رد الملك في ثقة : لا تتعجب فإنني قد نويت ظلماً وذلك رفع الله عنا الخير ولما نويت عدلاً اعيد الينا الخير، والحمد لله رب العالمين .