تزوجا قبل بضعة اشهر بعد قصة حب دامت لسنوات طويلة، كان زوجها يعمل في محل بقالة بسيط، أحبها بشغف جعلها تحب الحياة بصحبته، وذات يوم خرج زوجها الى العمل مبكراً كعادته، ودعته بقبله ووعدها أنه سيحمل معه الفاكهة عند عودته، سألها كعادته عن اي نوع فاكهة تريد أن يحضرها معه وكالعادة اجابته : ما تريد يا حبيبي ،
مضى الزواج الى عمله وترك زوجته منشغلة باعمال المنزل ، حتى انتهت منه واشعلت الراديو وبدأت تستمع الى اغانيها المفضلة وهي تحلم بطفل يلمئ عليها المنزل سعادة وأمل وضجيج .
وبينما كانت الزوجة تغوص في غمرة الحلم, سمعت دوي انفجار كبير مروع، ما الذي حدث يا ترى في هذه المدينة الصغيرة، قالت في نفسها لا شيء بالتأكيد، ربما تكون قنبلة من مخلفات الحرب أو غيرها، لاشيء مهم في عالمها الصغير الملون البسيط ..
واستمرت تستمع الى اغانيها المفضلة ..وتنتظر حاجيات السوق التي تاخرت هذا اليوم كثيراً.
طرق الباب، فاستعدت الزوجة لتعاتبه على تأخير الغذاء كل هذا الوقت، اسرعت الى الباب ولكن الطارق ليس هو بل الجيران، صرخوا بها قائلين : انتي جالسة هنا ..والسوق تحول الى محرقة بشر ..عشرات الضحايا …الناس تحولت الى قطع من اللحم المتناثر …هل اتصل بك زوجك ؟ لم تتحمل اعصابها الاحداث التي تدور حولها، فقدت وعيها وصار الحلم انياباً قاتله غرست في أحشائها، وامتدت لتقتحم كل حواسها ..فانفجر الدم من الانف وترنحت لكنها لم تسقط بل هرعت معهم الى السوق، وجدت نفسها كأنها في هيروشيما مصغرة، مئات الناس الذين يشبهونها، الصبية يبحثون عن آبائهم، النساء .. الاباء .. الرجال، كان الحريق كبيراً والدمار بشعاً اختلطت اشلاء الناس بالفواكه والخضر واللحم والسمك…كل شيء بدأ عالماً من الفوضى والدمار ..اين زوجها ..بل اين بقايا زوجها ..لاتدري .وعندها سقطت مغشياً عليها .
بعد أن عادت الى رشدها، علمت أن الناس جمعوا لها ما تبقى منه في كيس صغير، كان زوجها يمر بجانب السيارة التي انفجرت، وهو يحمل بين يديه كيساً من الفاكهة، ولذلك لم يتمكنوا من العثور عليه، ومرت ايام العزاء ..ثلاثة ايام ..لم تكن قد عادت الى رشدها كما يزعمون ..بل كانت في عالم اخر ..معه في السوق ..تتجول ..تصف الفاكهة وترشها بالماء ..تغسل واجهة المحل بالماء كل صباح وتعد له الطعام، كانت تضحك عندما يغازلها ويسألها اي نوع من الفاكهة تفضلين، فتقول أنا احب ما تحب، فيجيبها بحب ، انتي فاكهتي المفضلة، وتبكي عندما يناديها، انا بعيد عنك ..ارجوك اريد ان تكونين قريبة مني …ولم ترفض طلبه ..في اليوم الثالث انتهى العزاء ..وفي اليوم الرابع …رحلت اليه ..رحلت وعلى خدها دمعة فراق …وعلى شفتيها ابتسامة لقاء..