كان رجلٌ من رجال البادية متزوّجاً من امرأةٍ أحبّها، وكانت هذه المرأة متزوّجةً قبله برجلٍ آخر وأنجبت منه طفلاً، وبعد فترة من زواجهما شعر الرجل أنّ زوجته لا تحبّه ولا تشعر به، ولا تكلّمه في أغلب الأحيان؛ حيث إنّه لم يكن يراها تضحك أو تبتسم حتّى،
وتراودت الشكوك إليه بأنّ زوجته تحب شخصاً آخر، وتكنّ له مشاعر تخفيها عنه. احتار الرجل في أمر زوجته فلجأ إلى عجوز كانت تقطن في البادية تُعرف بأنّها حكيمة، وحدّثها بقصّته، وطلب منها أن تجد له حلّاً كي يبعد الشكوك عنه، وكي يتأكّد من حب زوجته له، فقالت له العجوز: يجب أن تصطاد أفعى، وتخيط فمها، وتضعها فوق صدرك أثناء النوم، وعندما تأتي زوجتك كي توقظك تصنّع بأنّك مت. في صباح اليوم التالي استجاب الزوج لطلب العجوز، وفعل ما أمرته به، فحين جاءت زوجته لتوقظه لم يتحرّك أو ينهض، واعتقدت أن الأفعى لدغت زوجها ومات، فبدأت بالصراخ على ابنها (زيد) كي يأتي إليها، وقالت القصيدة التالية: يا زيد رد الزمـل باهـل عبرتـي على أبوك عيني ما يبطل هميلهـا أعليت كم من سابقٍ قـد عثرتهـا بعود القنا والخيل عجـل جفيلهـا وأعليت كم من هجمةٍ قد شعيتهـا صباح .. وإلّا شعتها من مقيلهـا وأعليت كم من خفرةٍ في غيا الصبا تمنّاك يا وافي الخصايـل حليلهـا سقّاي ذود الجار اليا غاب جـاره وأخو جارته لا غاب عنها حليلهـا لا مرخٍ عينـه يطالـع زولهـا ولا سايـلٍ عنهـا ولا مستسيلهـا بعد سماع الزوج لهذه القصيدة من زوجته تأكّد من مشاعرها تجاهه، وعرف قيمة حبّها له الّذي كانت تُخبّئه خجلاً منه، فقام من الفراش وهو فرحاً ليقول لها أنا لم أمت. خجلت الزوجة عندما كشفت حبّها ومشاعرها لزوجها، وعندما علمت أنّ زوجها كان يخدعها ولم يمت غضبت وأقسمت بألّا تعود إليه إلّا إذا وافق على الشروط التي قامت بطلبها؛ حيث كان الشرط الأول أن يُكلّم الحجر الحجر، والشرط الثاني أن يُكلّم العود العود، فاحتار الزوج وأصيب بالخيبة.
بعد حيرةٍ كبيرة ذهب الزوج إلى العجوز مرّةً أخرى، وقال لها ما طلبته زوجته، فقالت العجوز أحضر الرّحى؛ فهي عندما تلتفت حولها تصدر صوتاً؛ حيث يُكلّم نصفها نصفها الآخر، وأحضر الربابة ففيها تكلّم الأعواد بعضها، فإن كانت زوجتك تحبك وتريد الرجوع إليك سوف ترجع، ففعل الزوج ما طُلب منه، وعادت زوجته له كما تمنّى.