راوي هذه القصة هي صاحبة المنزل حيث قالت:
أكرمني الله بالزوج وأنجبت منه ولد وبنت وكان زوجي ذو منصب ونفوذ وكنا في مستوي معيشي مرتفع، وكنت أحتاج مربة معي لتخدمني أنا وزوجي وأطفالي، لكن كلما كانت تأتي إلينا إحدى المربيات أو الخادمات حتى كانت تهرب وتفارق المنزل من قسوة زوجي المفرطة،
وفي إحدي المرات جاء إلينا أحد المزارعين بفتاة صغيرة تبلغ من العمر عشر سنوات وطلب من زوجي أن يجعلها تعمل عندنا كخادمة، وبالفعل بسبب رفض المكاتب ارسال خادمات ومربيات لنا قبلنا بها، وبالفعل غادر والد الفتاة المنزل وترك الفتاة لدينا وكانت تبكي وتتشبث به كي لا يتركها ولكنه تركها والدموع في عينيه.
بعد مغادرة والدها مباشرة طلبت منها أن تذهب للمطبخ لغسل الأطباق وتحضير الغداء، ولم أرحمها أو أشفق عليها، وكذلك زوجي كان كثيراً ما يضربها ويسيء إليها إن أخطأت، وكان أحياناً يقوم بلسعها بسلك الكهرباء، وللأسف كنت أشاركه في تعذيب تلك الفتاة بعض الأحيان بضربها وأغلب الوقت بالسكوت عن إيذائها.
كانت لا تخرج من المنزل إلا لجلب الخضروات ومتطلبات البيت، وكانت أول من يستيقظ في المنزل وآخر من ينام كل يوم، كانت تخرج مع ابني وابنتي عند ذهابهم للمدرسة لا لتذهب معهم ولكن لتحمل لهم حقائبهم إلى أن يجيء باص المدرسة، مرت عشر سنوات وتلك الطفلة المسكينة في عذابها معنا وفي يوم من الأيام خرجت الفتاة من المنزل ولم تعد،
وحين بحثنا عنها علمنا أنها كانت تتحدث مع صبي الجزار في حينها وافقت على الزواج منه فقط للتخلص من العذاب عندنا، وبسبب سلطة ونفوذ زوجي أرجعناها إلى المنزل وتفنن الجميع في تأديبها أو بمعنى أدق تعذيبها، فقد قام زوجي بتعذيبها عن طريق الكهرباء وقام ابني بركلها في جميع انحاء جسدها، لكن ابنتي امتنعت عن فعل اي شيء فدائماً ما كنت تشعر بالشفقة اتجاه تلك الفتاة.
بعد فترة لاحظنا جميعاً أن الفتاة كثيراً ما تتعثر أثناء مشيها وكثيراً ما تسقط الأطباق والكوبايات من يدها، وعندما عرضناها على الطبيب قال لنا أنها فقدت معظم بصرها ولا تستطيع أن تري سوى ما تحت قدمها فقط، ورغم كلام الطبيب لم نرحمها بل كنا نعنفها ونضربها إن كسرت شيء او أتت بخضراوات غير طازجة، وفي يوم من الأيام خرجت تلك الفتاة من المنزل ولم تعد إليه مرة أخرى، وفيه هذه المرة لم نبحث عنها ونسينا قصتها.
مرت السنوات وأحيل زوجي إلى المعاش وفقد سلطته، وتزوج ابني وكنا سعداء وفي مأمن من مكر الدنيا، وحملت زوجت ابني وفرحنا كثيراً لكن فرحتنا لم تكتمل، لإنه يوم الولادة أخبرنا الطبيب أن الطفل اعمى لا يبصر، حزنا حزناً شديداً وضاقت بنا الدنيا، لكن الأطباء قالوا لنا ان هذا الأمر يحدث ولا يستوجب أن يكون باقي اخوته مثله، ونصح زوجة ابني ان تجرب حظها وتنجب مرة أخرى وتطمئن، وبالفعل حملت زوجة ابني وأنجبت فتاة جميلة وكملت فرحتنا عندما أخبرنا الطبيب ان الفتاة ترى بشكل جيد.
لكن بعد فترة لاحظنا أن نظر الفتاة في اتجاه واحد وعينيها لا تتحرك، فذهبنا بها للطبيب الذي أخبرنا أنها نظرها ضعيف بشدة وتوشك أن تفقده، حينها تحولت حياتنا لجحيم ومرض زوجي ونقلناه لمصحة نفسية، وحينها فقط تذكرت تلك المسكينة التي مرضت في منزلنا ولم نعالجها بل كنا نعذبها أشد العذاب.