اعترف اليوم وبعد كل تلك السنوات من المعاناة والعذاب والكراهية لكل شيء بالحياة ، بأنني خائنة نعم فأنا خائنه ولكن لا يلومني أحد رجاء ، فالظروف هي ما دفعتني للخيانة فلا تقولون ليس للخيانة مبرر ، لا فأنا أقول لكم بأن للخيانة ألف مبرر وسبب ، فمن يولد خائن ومن يتمنى ان يصبح خائن في نظر الأخر، بالطبع لا يوجد فلم نولد شياطين صدقوني ، بل خلقنا الله ملائكة بالفطرة ، لا نخطئ لا نخون لا نسرق لا نقتل لا نكذب لا وألف لا لكل شيء شرير بداخلنا فلقد علمونا إياه وزرعوه بداخلنا حتى الخيانة علموها لنا من قسوتهم وسوء معاملتهم لنا .
استمعوا لي بقلوبكم ودعوا ضمائركم جانباً فلا اريدها لأنني أعرف حقيقية نفسي ، فلا تلقون علي بالاتهامات والكلام الكثير إلا بعد الاستماع لي أولاً ، وبعدها أحكموا حتى وإن حكمتم بالموت فلن أحزن هل تعلمون لماذا ؟
لأنني أصلا ميتة من سنين كثيرة ، ربما منذ مولدي ، منذ رأت عيوني كذب وخداع ذلك العالم الكاذب المليء بالغش والحقارة ، صدقوني سيكون حكمكم باطلاً ولن يجدي بشيء ، ولا تتخيلون بأنني سأنتظر منكم أن تنصفوني ، لا ورب الكعبة لا أنتظر من أحد بالكون شيء ، ولكني أنتظر قضاء الله فقط ورحمته فهو الذي يعرف ما اعانيه وما عانيته منذ مولدي ، هل تعرفون لماذا ؟
لأن تلك الحياة البغيضة لم تنصفني يوماً واحداً منذ مولدي ومنذ جئت إليها ، وكأنني عار على العائلة وعلى الجميع ، لأنني فتاة ومن أخبركم بانني كنت اتمنى ان اكون فتاة ولست صبي من اخبركم يوماً بانني سعيدة وأطير فرحا أيها الأوغاد بنوعي وجنسي من قال لكم بأنني أتمنى الحياة معكم لقد كرهتكم من سوء معاملتكم لي وحسابي منذ مولدي ، أتحاسبونني على جنسي ونوعي فقولوا لي ما ذنبي أنا ؟
فلا أعرف لماذا لم اموت يومها ،لماذا عشت في ذلك الجحيم المستعر ولماذا تلك الوصمة والعار يطاردني هي فتاة …هي نكرة …لا يحق لها شيء… هي فتاة فلا يحق لها المعاملة الكريمة هي فتاة ، فلتتحكموا في حياتها هي فتاة فهي ضعيفة هشة هي فتاة ، فهي لا تساوي شيء .
وان كنتم لا تريدونني معكم ولا تريدون أن تنجبوا فتاة ، فلماذا حدث بينكم ما حدث يومها لتستمتعوا بشهوتكم ، وبعدها تأتون بي لتلك الحياة البشعة التي لم ترحمني يوماً ، لماذا تركتموني عندما عرفتم بأنني فتاة ولم تقتلوني يومها ايها الأوغاد لا افهم لما لا تعيدون وئد الفتيات لتريحونا من كل هذا ، هيا أخبروني وأجيبوا ذلك السؤال الذي ظل يطاردني لسنوات طويلة هل سألني أحد منكم وأنا مازلت جنينا في أحشاء أمي يومها ماذا تريدين ان تكوني ؟؟
اقسم بالله كنت سأختار أن أصبح صبي ، وليغيروا جنسي ونوعي ولكنكم لم تسألوني يومها منذ وطئت قدمي الى هذا العالم البغيض ، عشت أسوأ أيام حياتي منذ كنت طفلة ، فانا لا اتذكر بأن أمي احتضنتني يوماً وقبلتني كما تقبل أخواتي الذكور ، ضمتني إليها بحب ، أخبرتني بأنها تحبني كما تحب أخي ولكنها لم تفعل ولم تقل لي أحبك أبنتي وأفتقدك ..
كنت اراها كل يوم تقبل أخي وتحتضنه بقوة قبل الذهاب للمدرسة ولكنها لم تفعل معي ذلك ولا أعرف لماذا يا امي فماذا فعلت انا لك هل لأنني فتاة وما ذنبي انا في ذلك قولي لي ؟
فانا كنت اريد حبك وحنانك ، اريدك أن تضميني الى صدرك وتقبليني ، أن تحميني من ذلك العالم البغيض أن تقولي لي بأنك تحبنني كما أحبك أنا ، نعم أحبك ولا أستطيع أن أكرهك فأنت أمي ، لماذا تقسين علي لما لا تفعلين معي كما تفعلين لأخي .
وكلما كبرت بالسن وتقدم بي العمر شعرت باليتم والحرمان من الحنان والحب والفرق في المعاملة ، فكنت اخبر أصدقائي بالمدرسة بانني يتيمة وامي ميته ، لا تلوموني فهي ميته بالنسبة لي منذ مولدي ولم اشعر بحنانها يوماً فمن قال بأن الام هي من تلد فقط وبعدها ترمي اطفالها للعالم يظلمه من اخبركم ، مخطئون ان اعتقدتم ذلك ، فالأم هي مصدر الحب هي من تعطي الامان والدفيء وانا كنت لا أجد أي دفئ بل أيامي كانت كلها شديدة البرودة والقسوة .
هل اخبركم ماذا كانت تفعل معي ، ولما لا سأخبركم فلم تحضر أمي لي يوماً المدرسة ، لم تحضر لي يوماً ثياب جميلة كباقي الفتيات في سني ، كانت ثيابي دوماً بشعة وقذرة كنت أرى زميلاتي بالمدرسة اراهم ، وانا ابكي من بعيد وابتعد كنت وحيدة منبوذة فمن سيصاحب فتاة مثلي لقد ضيعوا طفولتي ، فلن انسى ذلك الموقف عندما كنت في الثامنة من عمري كنت اتمنى معطف ثقيل وله غطاء رأس يحميني من البرد والامطار الغزيرة وانا اذهب للمدرسة كنت اتمناه ازرق اللون كان يعجبني وزميلتي بالصف ترتديه كل يوم .
طلبت من أمي جاكت احتمي بيه من البرد الشديد والامطار الشديدة، فماذا فعلت خطأ هل يخبرني أحدكم ، هل تعرفون لقد أحضرته أمي حقاً ونفس اللون الازرق وبفراء كما كنت اتمنى ، ولكن لم تحضره لي أمي بل احضرته لأخي الصغير اخي الذي لم يكن في المدرسة في تلك الفترة ، كنت ارتدي الملابس الصيفية واسفلها شيء بأكمام طويلة كانت ام زميلتي تحتضنني بقوة وتقول لي اخبري امك ان ترتدي معطف ثقيل حتى لا تبردي ؟
كنت أردد بقهر اخبر من امي ؟ ومن قال لك بانها مازالت على قيد الحياة فانا يتيمة ؟ كنت حقاً كاليتيمة الفقيرة بالرغم بأن عائلتي لم تكن فقيرة معدمة بل كانوا يمتلكون النقود ، فكانت امهات صديقاتي، يعطفن علي ويحضرن لي الحلوى وهم مقتنعين بيتمي فلقد اخبرتهم بأنا امي ميتة وانا يتيمة الأم وهذه المرأة القاسية هي زوجة أبي وتكرهني وتتمنى موتي وليست امي ابداً ؟
فكم مرة دعت علي بالموت والمرض ، كم مرة دعت علي بالعمى والطاعون والشلل لم اكن اعرف وقتها بأنها امراض قبيحة جداً وسيئة ، كنت مازلت وقتها صغيرة الا عندما كبرت وتعرفت عن تلك الاشياء ولكن ماذا فعلت انا يا أمي اخبريني بالله عليك لأستريح من ذلك العذاب ؟؟
رسالتي للامهات هي ان يهتموا باطفالهم وهم صغار, لان عندما يكبروا سيؤثر عليهم ذلك كثيراً