اشرقت شمس يوم جديد الموافق للواحد والعشرون من مارس. انه ذكرى عيد الأم أطلت من نافذة غرفتها الصغيرة
الطفلة عبير ذات الربيع العاشر من عمرها، والتي فقدت أسرتها جراء الحرب. فرأت ابنتي عمها تركضان نحو امهما تحملان بيدهما باقة ورد قطفاها من عروش حديقة مقصوفة ، فاحتضنتهما وضحكتهما تملأ الأرجاء. امتلأت عيني عبير بالدموع فباتت الرؤيا من حولها مشوشة ، وتخيلت أنها تنادي أمها وتقدم اليها هدية بالمناسبة وورقة مكتوب عليها {أحبك يا أمي} ولم تستعد وعيها إلا وهي جالسة على قبر أمها تتمنى لو تكون معها. ياللفتاة المسكينة لا تعلم ماذا يخبئ لها الزمن لهذه الفتاة اليتيمة ومعاناتها لما تكتم من الحزن داخل قلبها ولا تريد أن يعلم به احد .
لكنها كانت صبورة تدعوا االله ليلاً ونهاراً الصبر والسلوان والثبات عند المصائب اسيقظت الفتاة فوجدت نفسها في احضان زوجة عمها و هي تلاعب شعرها فسالتها اين ذهبت امي ؟؟؟ فاجبتها في الجنة ان شاء الله فقالت لها و ما هي الجنة ؟؟؟؟ ...... فحدثتها عن الجنة فقالت لها اريد ان اذهب الى الجنة !!!!! لم تدري المرأة ماذا اتقول لها لكنها مسحت على رأسها و قالت لها في نفسها و الابتسامة على وجهها
بعيد الشر عنك يا روحي
يومها مرت المظاهرة من امام بيتها و هم يهتفون
عالجنة رايحين شهداء بالملايين
فلم يكن من عبير إلا ان لبست حذاءها و نادت و قالت هيا الى الجنة فخرجت في المظاهرة و هتفنا سوية ..... و اثناء عودتنا الى البيت ....سالت لماذا لم نذهب الى الجنة ... هيا اريد الذهاب الى الجنة .... وفي يوم الجمعة مرت المظاهرة من امام المنزل و بنفس الشعار فهرعت عبير و لبست ثيابها و قالت للجميع هل تريدون ان تذهبوا معي الى الجنة ؟؟؟
فضحكت زوجة العم و بناتها و الدموع تملا عينيها يومها ثم لبست ثيابها و خرج الكل يهتفون عالجنة رايحيين شهداء بالملايين فما ارتفع يومها فوق صوتنا الا صوت الرصاص الغادر الذي اصاب جسد عبير بكت الطفلة كثيراً من شدة الالم و الخوف ثم لممت دموعها و صراخها من شدة الالم و قالت .... متى نذهب الى الجنة .... فبكى الجميع و بكى الاطباء الذين حاولوا اسعافها وبكى جميع الموجودين في مكان الاسعاف الميداني ..... حاول المسعفون ان ينقذوا حياتها لكن دون جدوى