في أحد الأيام رأت البعوضة سحلية تشرب من النهر ، فقالت لها هل تصدقين ما رأيته اليوم يا صديقتي ؟ أجابت السحلية : ماذا رأيت ؟ قالت البعوضة بثقة : رأيت فلاحًا يجمع ثمار البطاطا من حقله وكل ثمرة منها كبيرة بحجم رأسي
فردت السحلية ساخرة : وما حجم رأسك أيتها البعوضة بالمقارنة مع ثمار البطاطا ؟ ، والله إن الصمم أفضل من سماع هذا الهراء ، وتناولت السحلية عودين من البوص سدت بهما أذنيها وتابعت سيرها في الغابة
أثناء سير السحلية رآها الثعبان فحياها قائلًا : مرحبًا صديقتي السحلية ، فلم تسمعه السحلية وتابعت سيرها ، فتوقف الثعبان وتعجب قائلًا : لابد أن صديقتي السحلية غاضبة مني وتدبر مؤامرة ضدي ، لقد حذرني والدي من تلونها وتقلبها ، نظر الثعبان حوله بحذر وبسرعة اختبأ في أول فتحة رآها في الأرض وكانت جحر الأرنب
وعندما رأى الأرنب الثعبان الضخم يقتحم جحره ، هرب سريعًا من فتحة صغيرة في الجحر ، رأى الغراب الأرنب يجري بسرعة فخاف وشعر بالخطر ، ثم طار في الغابة ليحذر الحيوانات والطيور
سمع القرد تحذير الغراب ، فظن أن صيادًا أقتحم الغابة ، وأخذ القرد يقفز بسرعة من شجرة إلى شجرة ، وفجأة انكسر أحد الأغصان وسقط القرد على عش البومة ، فقتل من غير قصد أحد صغارها
كانت البومة ما تزال في الخارج لتصطاد الطعام لصغارها ، وعندما عادت ورأت صغيرها بكت وارتفع صوت نعيقها ، شكت الحيوانات البومة التي ظلت تنعق طوال الليل ، لملك الغابة ، فدعا لاجتماع طارئ
فطلب الملك القرد الذي قال خائفًا لم أكن أقصد أن أؤذي صغير البومة ، ولكنها غلطة الغراب الذي حذرني من الخطر ، ومن دون قصد قفزت لأهرب فانكسر غصن الشجرة ووقعت على عش البومة
قال الملك الأسد : إذن هو الغراب أين الغراب ؟ ،صاح الغراب قائلًا في خوف : أيها الملك ، إنها غلطة الأرنب الذي رأيته يهرب من جحره ، فشعرت بالخطر ، فقال الملك إذن هو الغراب الذي تسبب في قتل صغير البومة ، أين الأرنب ؟ رد الأرنب في رعب إنها غلطة الثعبان الذي اقتحم جحري فشعرت بالخوف وهربت ، وقال الملك إذن هو الثعبان الذي تسبب في قتل صغير البومة ، أين الثعبان ؟زحف الثعبان واقترب من الأسد وقال رأيت صديقتي السحلية اقتربت منها لأحييها ، لكنها لم ترد علي فشعرت أنها تدبر ضدي مكيدة ، وبينما كنت أبحث عن مكان أختبئ فيه اقتحمت بالخطأ جحر الأرنب
هز الأسد رأسه وقال هي السحلية التي تسببت في قتل صغير البومة فأين السحلية التي تتلون ؟ ، جاءت السحلية تزحف والعودان لا يزالان في أذنيها ، أنتزع الملك العودين من أذنيها وقال لها بغضب أي مؤامرة كنت تدبرينها للثعبان أيتها السحلية ؟ ، فردت السحلية بدهشة ورعب : مؤامرة ؟ ، الثعبان صديقي ، سألها الثعبان : إذن لماذا لم تردي على تحيتي اليوم ؟ ، ردت السحلية بنفس الدهشة : لم أسمعك ، أنا حتى لم أرك ، لقد قالت لي البعوضة كلامًا لم أطق أن أسمعه ، فسددت أذني عنه
ضحك الملك وأحدث صوته زئيرًا عاليًا ، وقال إذن هي غلطة البعوضة التي أزعجت السحلية ، التي قلق منها الثعبان ، الذي أخاف الأرنب ، فهرب ورآه الغراب ، فحذر القرد ليهرب ويقع على عش البومة ، فيقتل صغيرها وتنعق حزنًا عليه
صاحت جميع الحيوانات في صوت عال : عاقب البعوضة أيها الملك ، فأصدر الملك أمره بالقبض على البعوضة التي لم تحضر الاجتماع ، ولكنها كانت تستمع لما يدور فيه ، ففرت هاربة ولم يعثر عليها أحد ، ولكنها منذ ذلك اليوم تعيش معذبة الضمير ، ولهذا فهي تقترب من الآذان لتطن فيها بسؤالها الدائم قائلة : هل مازال الجميع غاضبًا مني ، أما البومة فكلما اقترب الفجر تذكرت صغيرها وراحت تنعق حتى اليوم حزنًا عليه