في إحدى القرى الافريقية ، والتي تقع على ضفاف نهراً يصب في غابات أفريقيا السوداء ، كان ذلك اليوم الذي طالمًا انتظره سكان تلك القرية بفارغ الصبر ، فاليوم سيولد وريث زعيم القبيلة ، فأقاموا الاحتفالات وشرعوا في دق الطبول ، حتى تم الإعلان عن مجيء ذلك المولود
ولكن لم يكن مولوداً واحداً ، بل وضعت زوجة الزعيم ولدان ، ولكن واحداً فقط يستطيع أن يكون وريثاً ويصبح زعيماً للقبيلة ، وكان الأخوان التوأمان ويدعان كرندار وكيندا ، ويحصلان على رعاية جيدة ومعاملة متساوية
ولكن بالرغم من ذلك ، فقد كانا مختلفين ومرت السنين وأصبح كرندار قوي البنية وشديد العزم ، أما آخوه كيندا فكان ضعيفاً في بنيته وسرعان ما يمرض ، وكان الأمر محيراً لسكان القرية
وكان الجميع يتساءل ، عن أي منهما سيكون الوريث فقانون الغابة ، يقول أحترم القوي وأنسى الضعيف ، ولهذا حصل كرندار على رعاية خاصة من والده ، أما كيندا فقد أهمل وقلت حصته من الطعام ، وأخذ سكان القرية يهزؤون من ضعفه وهزاله بدنه
ولكن لماذا يلام المسكين كيندا ؟ ، فلم تكن رغبته أن يكون له تؤام أقوى منه ، مما تسبب في إساءة معاملته ، ورفضوا أن يكون وريثاً لزعيم القرية ، وكان كيندا ينفرد بنفسه باكياً عند ضفاف النهر ، وفي يوم من الأيام وذات مساء ، تسلل كيندا من القرية متجهاً صوب الغابة ، تاركاً القرية وزعامتها إلى آخيه كرندار ، سار كيندا راكباً مركباً في النهر ، وقد كانت رحلة إلى المجهول
حيث لم يقدم عليها أحداً من قبل ، ولكن جمع كيندا شجاعته وقوته ، وواصل رحلته إلى العالم المجهول ، وأخيراً وصل كيندا إلى مكاناً ضاق معه عرض النهر ، وفجأة ظهرت أمامه شجرة عملاقة ، وعندما حاول كيندا أن يسحب ورق الشجر ليواصل رحلته ، حدث شيء لم يكن في الحسبان
فقد صاحت ورقة الشجر ، تطلب منه أن يسحبها برفق ، فسألها كيندا : من أنت ؟ ، فردت : أنا ورقة الشجر التي تحاول أنت أن تسحبها ، فأرجوك أسحبني برفق وإلا تمزقت ، وسحب كيندا الرقيق القلب الورقة برفق وحنان ، وما أن قطع ورقة الشجر حتى تحولت إلى رجل أفريقي ، وقال لكيندا : كنت انتظر مجيئك يا سيدي ، فرد كيندا متعجباً : ماذا ؟ تنتظرني ؟ ، فقال الرجل : نعم نحن سكان الغابة قد حولنا العراف جميعاً ، إلى أوراق شجر فأرجوك أنقذنا من هذا الوضع
وهكذا نفذ كيندا ما طلب منه ، وأنقذ جميع الأوراق وأخيراً لم تبقى سوى ورقة شجرة واحدة فقط ، وكانت الورقة عريضة بشكل ملحوظ ، وما أن شرع كيندا في سحبها ، حتى تحولت إلى فتاة علم أنها كانت أميرة القوم
شكرت الأميرة كندا على انقاذه لها ، وأخبرته انه يمكنه الزواج منها ، ويصبح حاكماً لمدينتهم ، فتعجب كيندا وأخبرها أنه ضعيف الجسم وهزيل البنية، فلا يمكنه أن يكون حاكماً
فلمست الأميرة كيندا ، فتحول إلى رجل قوي البنية ، وهكذا تزوج كيندا الأميرة الجميلة وأصبح حاكماً ، معترفاً به على سكان الغابة ، ووعدت الأميرة بأنه ستحب كيندا وستخلص له دوماً ، وأوصته آلا يخبر أحداً بشأن سر أوراق الأشجار ، ووعدها بذلك وعاش كيندا سعيداً مع الأميرة ، وعلى كيندا أن يكون حذراً وإلا خسر حب الأميرة وحياتها
مرت بعد ذلك سنوات عديدة ، وبالرغم من حب الأميرة وسكان الغابة ليكندا ، إلا أنه كان يشعر أن هناك شيء ما ينقصه ، وكان الشيء الذي ينقصه هو حب الأبوين وحنان الأخ الذي لم يعهده من قبل ، وكان يتساءل بداخله عن طريقة معاملتهم له ، إذا عرف أنه أصبح قوي البنية
وفي إحدى الليالي غادر كيندا القصر متجهاً إلى قريته ، حاملاً خزينة القلعة وعاد كيندا مسرعاً ، ولم يكن بانتظاره سوى قبرين لأمه وأبيه ، فبكى على رحيلهما وذهب إلى آخيه كرندار ، وكان استقباله لأخيه مبنياً على رغبته لمعرفة سر نجاح أخيه ، وظل يخبره أنه سعيدًا بعودته ورؤيته
ألح كرندار على كيندا ليخبره قصته ، وسر تلك النقود والجسم القوي الذي حصل عليه ، ولكن تردد كيندا في إفشاء ذلك السر ، خاصة وقد وعد زوجته الأميرة ، أنه لن يبوح بذلك السر أبداً
ولكن كرندار ظل يلح على أخيه ، مستخدماً كلمات طيبة فرق قلب كيندا له ، وقص له قصته منذ أن تسلل ليلاً ، من القرية وغادرها ، وبينما يقص كيندا قصته إذ به يفقد تدريجياً بنيانه القوي
وعاد كيندا إلى جسمه الهزيل الضعيف ، فشعر كيندا بالندم على إفشاءه السر ، وركض خارجاً ، ليعود بسرعة إلى القصر ، وما أن وصل هناك حتى وجد صحراء جرداء خالية من الناس تماماً ، فبكي وعلم أنه خسر كل شيء ، واختفت الأميرة الجميلة واختفى معها كل شيء