قال دمنة: زعموا أن طائراً من طيور البحر يدعى الطيطوى كان وطنه على بعض سواحل البحر مع زوجته. فلما كان أوان إفراخهما قالت الأنثى للذكر: إنه قد آن لي أن أبيض، فالتمس لي مكاناً حصيناً أبيض فيه. قال الذكر: ليكن ذلك في مكاننا هذا فإن الماء والعشب منا قريب، ومكاننا هذا جامع لكل ما نحب، وهو أرفق بنا. قالت الأنثى: ليحسن نظرك فيما تقول، فإنا على غرر في مكاننا هذا. فإن البحر لو قدم لذهب بفراخنا. قال الذكر لا أظن أن البحر يحمل علينا لما يخاف من الموكّل بالبحر ووكيل البحر لا يجترئ علي.
قالت الأنثى: ما أشد بغيك في هذه المقالة! أما تستحي نفسك من تهددك للموكل بالبحر وعنادك إياي وأنت تعرف نفسك. وحق ما يقال إنه ليس شيء أقل معرفة لنفسه من الإنسان. فاسمع كلامي وانتقل بنا من هذا المكان قبل وقوع ما لا نحب وقوعه بنا. فأبى الذكر أن يطاوعها. فلما كثرت عليه ولم يسمع منها قالت: إن من لا يسمع من أصحابه وأصدقائه يصيبه ما أصاب السلحفاة التي لم تقبل قول أصحابها.
قال الذكر: وكيف كان ذلك؟