قال كليلة: زعموا أن جماعة من القرود كانوا في جبل من الجبال فأبصروا ذات ليلة يراعة تطير فظنوا أنها شرارة فجمعوا حطباً فوضعوه عليها ثم أقبلوا ينفخون.
وكان قريباً منهم شجرة فيها طائر فجعل يناديهم: إن الذي رأيتم ليس بنار. فأبوا أن يسمعوا منه فنزل إليهم ليعلمهم.
فمر عليه رجل فقال: أيها الطائر لا تلتمس تقويم ما لا يستطيع ولا تأديب ما لا يتأدب، فإنه من عالج ما لا يستقيم بالمعالجة ندم.
فإن الحجر الذي لا ينقطع لا تجرّب عليه السيوف. والعود الذي لا ينحني لا يعالج انحناؤه. ومن عالج ما لا يستقيم ندم.
فأبى ذلك الطائر أن يسمع من ذلك الرجل وينتفع بشيء من قوله حتى دنا من القردة ليفهمهم أمر اليراعة أنها ليست بنار. فتناوله بعض القرود فقطع رأسه.
فهذا مثلك في قلة انتفاعك بالأدب والموعظة. وأنك يا دمنة قد غلب عليك الخب والعجز. والخبّ والعجز خلتا سوء. والخب أشدهما عاقبة، فأشبههما أمراً بالخب شريك المغفل.
قال دمنة: وكيف كان ذلك؟