يروي أنه كان من عادة جحا أن يدعو الله ، عند كل صلاة أن يعطيه ألف درهماً ذهباً ، وأنه لا يقبلها إذا كانت تسعمائة تسعة وتسعين ، وكان له جار غني يسمع عصر كل يوم هذا الدعاء ، فأراد أن يمتحن جحا
الامتحان:
فقام جار جحا بأخذ تسعمائة تسعة وتسعين درهمًا ، ووضعها في كيس ، ولما جاء وقت العصر ، وكان جحا يدعو ربه ، رمى جاره عليه بالكيس ، واختبأ وراح ينظر على ما سوف يفعله جحا
كيس النقود :
فرح جحا فرحاً شديداً ، وسجد لله شاكراً ، وحمل الكيس ، وبدأ يعدما فيه ، فوجد أن الألف درهمًا ينقصها درهماً واحداً فلم يهتم ، وقال جحا : إن الذي أنعم عليّ بهذا ، لا يبخل عليّ بدرهم ، ثم أخذ الكيس وخبأه
جار جحا والذهب :
أسرع الغني الى جحا ضاحكاً ، وقال له : رد اليّ ذهبي ، فقد أردت أن أمتحنك وأداعبك ، وقد عرفت أنك لم تلتزم ، فيما طلبت في دعاءك ، قال جحا مستغربًا : أي ذهب هذا الذي تتحدث عنه ، هل سبق لك أن أعرتني شيئًا ؟ ، قال جار جحا له : يا جحا ، إن الدراهم ليست دراهمك ، بل هي دراهمي ألقيت إليك بها ، قال جحا : أنك لاشك مجنون ، وهذه القصة لا يصدقها أحد ، فهل يوجد من يخاطر بكل هذه الدراهم ويرمي بها ، فما نزل عليّ ، هو جواب دعائي من خزائن الله الواسعة
الاحتكام للقاضي :
واستمر النقاش بينهما طويلًا ، وجحا لا يتزحزح عن قوله ، وأخيرًا قال الغني لجحا : لا يمكن حزم ذلك النزاع إلا في المحكمة ، فهيا بنا الى القاضي ، فقال جحا لجاره : لا أستطيع الذهاب الى القاضي ، فإن مقره بعيداً ، والطقس بارد ، وليس عندي من الثياب ، ما يرد عني قسوة هذا الطقس وبرده ، قال الجار الغني لجحا : أنا آتيك ببغلتي وعباءتي
الذهاب للقاضي:
وهكذا سار الغني على رجليه ، وركب جحا الدابة وارتدى العباءة الفخمة ، وذهبا إلى المحكمة ، بدأ الغني يحكي قصته للقاضي ، وبعد أن انتهى التفت القاضي إلى جحا وقال له : قص ما عندك يا جحا
ذكاء جحا :
فقال جحا للقاضي : سله إن كان قد أعطاني درهماً في يوم من الأيام ، والحقيقة أني طلبت من الله ذهبًا ، وسبحانه وتعالى الكريم أعطاني إياه ، فهو قادر على أن يعطيني الكثير والقليل ، وإن ما يدعيه عليّ جاري باطلاً ، وإنه خداعاً منه ليأخذ مني ما منَ عليّ الله به من أموال ، ولو استطاع أن يدعي عليّ ببغلتي الموجودة بالخارج لما تأخرَ ، دهش الجار بهذه القصة الجديدة ، وخاف أن تلحق البغلة بالدراهم
فقال مسرعًا ، أو تنكر عليّ بغلتي أيضا يا جحا ، ولقد أتيتك بها لتركبها ؟! ، فقال جحا : هل سمعت يا سيدي القاضي ، إلى هذه الدعوة الجديدة ، إني أخشى أيضًا أن يدعي عليّ أنه صاحب ما تملكه يداه ، بل إنه ممكن أن يتمادى في ادعاءه ، إلى ما أرتديته عليّ من ثياب ، ويقول إن هذه العباءة له أيضاً !! ، فارتبك الغني وقال : أو ليست هذه عباءتي أيضًا يا جحا ، التي أعرتك إياها ؟!الحكم :
عندئذ حكم القاضي لجحا ، وقال للغني : لقد ظهرت لي بطلان دعواك ، وانكشفت حيلك وألاعيبك وأكاذيبك ، فإنك تريد أن تسلب هذا الرجل أملاكه ، خرج الرجل الغني حزين ومتألم ، أما جحا فقد ركب البغلة وعاد بها وبالعباءة ، إلى داره مطمئناً راضياً
جحا يلقن جاره درساً :
وعندما وصل جحا إلى داره ، فأرسل يطلب جاره الغني ، فجاء إليه جاره ضارعاً ، فقام جحا بدفع دراهمه له بتمامها ، وقال له : إياك بعد اليوم ، أن تتدخل بين الخالق والمخلوق ، وأن تزعج عباد الله الذين يطلبون من خزائنه التي لا تنفد ، فالذي أعطاك الكثير ، لا يبخل عليّ بالقليل
من نوادر حجا