كان هناك خروف ذكي يقف عند حافة النهر ، ينتظر صاحبه حينما فوجئ بالثعلب يمسك به وهو يقول : أخيرًا وقعت في يدي أيها الخروف ، سوف آكلك في التو واللحظة ، ولن أدع منك شيئًا ، فكر الخروف في حيلة تخلصه من الثعلب وتنجيه من الموت الذي أصبح وشيكا ، وتصور نفسه والثعلب يلتهمه فاقشعر بدنه
فقال للثعلب : أيها الثعلب ، إنك إذا تركتني أشرب بعض الماء ، فأروي به لحمي سوف تنال مناك ، فالماء الذي خلقه الله وجعل منه كل شيء حي ، سوف يجعل طعم لحمي ألذ وأطرى على أنيابك ، كما أنه سوف يجعله أشهى وأسهل
أيها الثعلب ! فالماء سوف يجعل لك لحمي طعمه جميل ، تعال وانظر بنفسك الفرق قبل الماء وبعده ، فقال الثعلب : هل تقول إن لحمك فيه بعض المرارة الآن ؟ ، فالتقط الخروف الكلمة فقال على الفور : مرارة فقط ، بل به كثير من المرارة ، ولن يذهبها إلا الماء الذي خلقه الله ، وبه حياة النفوس إن كنت أيها الثعلب لا تصدقني ، جرب بنفسك لحمي قبل الماء إن كنت تحب المرارة ، ولكني أعلم أنك تحب اللحم الجميل
فقال الثعلب لنفسه وهو يمني نفسه بالطعام اللذيذ : سوف آكل هذا الخروف لا محالة فهو تحت يدي الآن ، ولا مانع أن يشرب من الماء ، فالماء مغذي ومفيد لجميع الأحياء ، هيا اشرب الآن من النهر كما شئت واقترب الخروف فشرب من النهر بعض الماء وهو يفكر في حيلة جديدة تبعد عنه الثعلب ، فجاءته فكرة غسل صوفه
وانتظر الثعلب حتى شرب الخروف من النهر ثم اقترب منه وكاد يهجم عليه غير أن الخروف قال له : انتظر لا تقترب الآن مني ، إنك لو تركتني أغسل صوفي بالماء ، سوف تزيد شهيتك بالتأكيد ، وسوف تأكل حتى تشبع ، ولن يصيبك أي أذى ، لأن النظافة تقتل الميكروبات والفطريات التي علقت بصوفي
ابتسم الثعلب وهو يقول لننفسه : عن هذا الخروف فرصة وهو نظيف لا مانع ، فأنا لست جائعًا الآن ثم قال للخروف : حسنًا هيا اغسل صوفك جيدًا وتعال إلي حتى آكلك بهدوء ومن غير أن أؤلمك ، وحينما انتهى الخروف من غسل صوفه قال الثعلب : وقد أعجبه منظر الخروف النظيف : الآن طاب لي لحمك
ولكن الخروف الذكي سأله هذه المرة : أيها الثعلب ، من أي جزء مني سوف تبدأ الاكل ؟ قال الثعلب : أفضل أن أبدأ بقدميك ، فقال الخروف : ولكن هل تأذن لي بطلب أخير ، قال الثعلب : إنك مزعج أيها الخروف وكثير الطلبات ، ماذا تريد هذه المرة إن كان هذا هو طلبك الأخير ؟ ، قال الخروف : أريدك أن تنظر إلى قدمي الخلفيتين ، وترى إن كانتا نظيفتين أم لا قبل أن تقوم بأكلي ؟فقال الثعلب : هذا الخروف نظيف فعلًا ، على الرحب والسعة ، ثم التفت لينظر إلى أسفل قدمي الخروف ، فقام الخروف برفسه بقوة فتدحرج الثعلب وسقط في النهر وهو يصيح ويصرخ : الويل لك أيها الخروف ، الويل لك
نظر إليه الخروف وهو داخل الماء وقال له : كم أنت أحمق أيها الثعلب ، وأسرع يجري ، وهو مسرور بنجاته من الثعلب ، حتى وصل إلى الدار ، والحكمة تقول : إذا وقعنا في موقف خطير قد يفقدنا حياتنا فعلينا أن نتريس ونتصرف بذكاء حتى ننجو من هذا الخطر