أقبل الشتاء في شهر مايو !.. نعم مايو ، فالمكان هو القطب الجنوبي والفصول تتوالى بعكس ترتيبها في النصف الشمالي من الكرة الأرضية ، سادت الظلمة التي ستستمر حتى حلول الربيع في شهر سبتمبر ، واشتد عصف الرياح الجليديه التي تصل سرعتها إلى 300 كيلو متر في الساعة
أنثى البطريق :
وكانت أنثى طائر البطريق الإمبراطوري توشك على وضع البيضة التي حملتها داخلها طويلاً ، وأمدتها بمغذيات ثرية ، جعلت جسمها هي الأم يضعف ضعفاً شديداً ، أخيراً وضعت الأنثى بيضتها ، ولترقد عليها كما تفعل الطيور!ذكر البطريق :
بل تلقفها منها الذكر ، ووضعها على الفور فوق قدميه ، مسدلاً عليها ثنيةً سميكةً من جلد بطنه ، ليحميها من البرد القارص
استعادة أنثى البطريق لنشاطها :
تركته الأنثى يحمل البيضة ، وذهبت هي إلى البحر ، لقد أضناها حمل البيضة في داخلها وعانت في وضعها ، ولابد أن تعوض ما قاسته على أن تتغذى على الكثير من السمك ، الذي يعيد إليها القوة ، وحتى تحصل على ذلك كان عليها أن تقطع مسافة 150 ميلاً فوق الجليد ، لتصل إلى المياه المفتوحة ، تلقي بنفسها في الماء ، وتسبح ، وتلتهم من الأسماك ما يعيد إليها القوة ، إضافة إلى مخزون ستحمله في معدتها لتغذية الصغير عند العودة
دور ذكر البطريق مع البيض :
رحلة طويلة تستغرق منها ثلاثة أشهر ، ثلاث أشهر طويلة أمضاها الأب صائماً ، واقفاً وهو يحمل البيض على قدميه ملاصقة لبطنه ، وكان عليه أن يتوازن بدقة ، حتى لا تفلت منه البيضة كاملة الاستدارة ، وتتدحرج بعيداً متعرضةً للرياح الجليدية ، فتتجمد ويموت بداخلها الفرخ المرتقب ، سابر الأب حاملاً البيض بثبات ، طوال الأشهر الثلاث الطويلة القاسية
فرخ البطريق الصغير :
وما ان خرج الفرخ من البيضة ، حتى التقطه بين قدميه ، ولصق بطنه وراح يرضعه !.. نعم يرضعه ، لكن من منقاره ، فثمة حوصلة عند بلعومه ، يختزن فيها عصارة ، من أفضل المغذيات ، يسكبها بمنقاره في منقار الفرخ ليشبع ويكبر
الفرخ ينمو ويكبر :
استمر الأب يرضع بمنقاره فرخ البطريق الصغير ، الذي خرج من البيض رمادياً ، ومع الوقت راحت ألوانه تتحد ، ليصير ظهره أسود وبطنه بيضاء ، مثل أبيه وأمه ، ومثلهما سيمشي منتصباً على قدميه ، فيبدو وكأنه يمشي على ذيله ، سيزداد وزنه ليصل إلى ثلاثين كيلو جرام ، وتطول قامته لتبلغ 120 سنتيمتر ، وسيصير واحداً من أباطرة القارة القطبية الجنوبية ، التي لا يتحمل بردها أي كائن حي ، مثل طيور البطريق الإمبراطوري
عودة أنثى البطريق الأم :
يكبر الصغير ، بينما الأب الذي يرضعه ويرعاه يتضاءل ، فالشهور الطويلة أضنت جسم الأب ، وسحبت من مدخرات جسده الكثير ، حتى أنه فقد 40% من وزنه ، وقبل أن يسقط الأب من شدة الضعف ، يسمع صوتاً يناديه ، إنها أنثاه ، البطريقه الأم ، وقد عادت من رحلتها الطويلة ، لتأخذ مكانه في رعاية الصغير ، وينطلق هو نحو مياه البحر ، ليأكل ويستعيد قواه
لقاء أنثى البطريق الأم بصغيرها :
سمع البطريق الصغير النداء بلهفة ، وأجاب على الصوت الذي يناديه ، بآخر ما فيه من قوة وحب