رآه الصيادون يخبط ويلبط ويبطبط ويبكي ، فقالوا مجنون ظنوا أن الدب القطبي الأبيض وهو يضرب في الماء ، ويركل الثلج ويصرخ ويلطم وجهه ، أصابه الجنون !! ..الدب القطبي الأبيض :
لكنه لم يكن مجنوناً ، كان منهكاً وجائعاً ومتضايقاً ، ويعاني الفشل في الحصول على الطعام الذي يحبه من الفقمات المطوقة ، هذه الفقما تختبئ عادة في الماء ، تحت غطاء الجليد وهو يمشي ويمشي حتى يعثر على حفرة من الحفر ، التي تصنعها الفقمات وسط الجليد لتتنفس منها ، يقترب متلصصاً كاتماً أنفاسه ، وما أن تطل فقمه حتى يسرع باختطافها والتهامها ، ومنذ فترة طويلة وهو يمشي متعثراً ، دون أن يعثر على شيء يأكله
الغذاء والطبيعة :
شيء ما غيّر طبيعة المنطقة القطبية التي يتحرك فيها الدب الأبيض ، ذاب الجليد في مساحات شاسعة ، تقاس بآلاف الأميال المربعة ، تاركاً المنطقة مثل مستنقع تتداخل فيه الثلوج وبرك الماء والوحول ، وهو لا يجيد المشي في هذا المستنقع ، كمان أن ذلك المستنقع لا يتيح له حرية السباحة ، ليصل إلى مكان الفقمات التي هربت بعيداً
الفشل :
مضى وقت طويل ، والدب القطبي الأبيض ، يفشل في العثور على ما يأكله ، الصيف يوشك على الانتهاء ، وهو لم يؤهل جسده لاحتمال الشتاء القطبي الطويل ، كان معتاداً أن يأكل كثيراً في الصيف ، ليراكم الدهن تحت جلده ، قبل أن يدخل في فترات البيات الشتوي
الدب القطبي والشتاء :
درجة الحرارة في الشتاء تهبط إلى ما دون الأربعين درجة مئوية تحت الصفر ، والشمس لم تشرق على المنطقة القطبية لمدة ثلاثة شهور ، ماذا يفعل الدب القطبي ؟ خبط ولبط وبكى من شدة اليأس ، حتى ظنّ الصيادون في المنطقة القطبية أنه دب مجنون
من المجنون :
ولم يكن هو المجنون ، كان المجنون هو الكائن الذي تسبب في تشويه المنطقة القطبية ، بسوء تصرفه مع الطبيعة ، ظلّ يجري آلاف التجارب النووية لتجربة أسلحته القذرة ، غير مهتم بما ينتج عنها من حرارة وغازات وإشعاعات ، وأسرف في اطلاق الصواريخ الفضائية ، التي تتخلف عنها نفايات مؤذية للغلاف الجوي
أما الطائرات الحربية فهي تنتج من الموجات التصادمية ما يخلخل أميالاً من طبقات الغلاف الجوي العليا ، ناهيك عن عوادمها من الحرارة والغازات الضارة ، وإضافة إلى غازات كلوروفلوروكربون المستخدمة في التلاجات والبخاخات وأجهزة التكييف العاملة بغاز الفريون
الأوزون :
كل ذلك أدى لتآكل طبقة الأوزون ، وتكوين ثقب كبير فوق المنطقة القطبية ، ومن هذا الثقب تنصب أشعة الشمس المحرقة محملة بالأشعة فوق البنفسجية الضارة ، وتذيب الكثير من الجليد القطبي ، وتجعل منطقة الدب القبي كالمستنقعات
صيد سهل :
أخيرا سقط الدب الأبيض ، من شدة الارهاق والجوع ، لم يعد يلبط ويخبط ويبطبط ويبكي ، كان يتنفس بصعوبة بين أقدام الصيادين الذين رأوا فيه صيداً سهلاً ، حصلوا عليه دون تعب ، معتقدين أن جنونه هو الذي أوقعه بين أيديهم
كارثة الانقراض :
غير مهتمين أن ما يهدد الدب القطبي يهدد أيضاً الحياة كلها ، فلو انقرضت الدببة البيضاء ، لزادت أعداد الفقمات ، والتهمت المزيد من الاسماك حتى تنقرض الأسماك ، وعندما تنقرض الأسماك تموت البحار والمحيطات ، ويهدد الموت الانسان