تعد هذه القصة واحدة من حكايات أيسوب الشهيرة التي تشتمل في طياتها على القيم الجيدة فتثبتها والسيئة فتنفر ومنها ، وقيمة هذه القصة هي جزاء الغرور والكذب ، فلا يعقل أن يثاب الكاذب على كذبه وإنما يعاقب حتى يرتدع
ويُحكى أنه في بلدة بعيدة خرج بعض البحارة في رحلة صيد طويلة ، وكان من عادة البحارة في تلك البلد أن يصطحبوا معهم حيواناتهم الأليفة ، لتسليهم طوال الرحلة التي قد تمتد أسابيعً وشهورًا بعيدًا عن أوطانهم
وبعد أن أبحرت السفينة مبتعدة عن الميناء ، ظلت تسير عدة أيام حتى تصل إلى وجهتها ، ولكن فجأة هبت ريح عاصفة لم تهدأ ولم تنتهي ، وقد أثرت تلك الرياح على السفينة وطاقم البحارة الموجود على متنها ، حتى أن محركاتها تعطلت ، وأصبحت تتهادى مع الريح ، وفقد البحارة توازنهم ، ولم يستطيعوا السيطرة على السفينة مرة أخرى
وفجأة عصف الجو أكثر واشتدت الرياح أكثر وهطل المطر أكثر وأكثر ، ولم تستطع السفينة تحمل كل ذلك فانقلبت هي ومن عليها ، وكان بين الحيوانات الأليفة الموجودة بالسفينة قرد مغرور ترجى صاحبه أن يأخذه معه حتى يعود إلى أصحابه ويتفاخر عليهم بمغامراته الغريبة وسفراته العجيبة
ولما انقلبت السفينة أخذت البحارة تصارع الموج وتحاول النجاة ، كما فعلت الحيوانات أيضًا ، وظن القرد أنه هالك لا محالة ، لولا أن هناك دولفين أزرق جميل ظهر فجأة وظن القرد بشرًا فحمله على ظهره وعام به حتى وصل إلى جزيرة قريبة
فأخذ القرد يتفاخر ويتظاهر بعلمه بتلك الجزيرة ، فسأله الدولفين إن كان يعرفها ، فقال القرد بكل زهو نعم بالطبع ان ملكها صديقي فأنا أمير من نسل الأمراء العظام ، فصمت الدولفين وكتم شيئًا في نفسه
وبعدها أنزل القرد من على ظهره ليقف على أرض الجزيرة ، وقال : أنت الآن أمير ولكن يمكنك أن تكون الملك فيها ، وسبح عائدً إلى البحر ، فسأله القرد وهو يسبح عن ما قاله من أمر الملك ، فرد الدولفين قائلًا : تلك الجزيرة خالية لا حاكم فيها ولا ملك ، وأنت الوحيد الآن على متنها ، إذن فلن يكون هناك ملك غيرك
وكان هذا هو جزاء القرد الذي كذب وادعى أصلًا غير أصله ، كما ادعى معرفة الملك ، واتضح له فيما بعد أن الجزيرة غير مأهولة بأحد سواه ، فكان عقابه أن يحيا وحيدًا عليها دون أن يأنس وحدته أحد