قصة جزيرة الملوك

منذ #قصص اطفال

يُحكى أنه منذ زمن طويل كان هناك مدينة لها قانون غريب ، فكل عام يحكمها ملك غير الذي قبله ، وكان أهل هذه المدينة يختارون هذا الملك وينصبونه في اليوم الأول من كل عام ، وبعد انتهاء مدته يرسلونه إلى جزيرة بعيدة ؛ ليكمل فيها بقية عمره ، وبعدها يختاروا ملكًا غيره ، وهكذا

ولما أنهى أحد الملوك فترة حكمة بالمدينة ، ألبسه الناس أفخر الثياب وأركبوه فيلًا كبيراً وظلوا يطوفون به كل أرجاء المدينة حتى يودع شعبه ، وكانت تلك اللحظة من أصعب اللحظات حزنًا وألمًا على نفس الملك ، وجميع الملوك الذين كانوا قبله

وبعد ذلك وضع الناس ملكهم السابق في سفينة ، شقت عباب البحر إلى الجزيرة البعيدة التي يتم فيها نفي الملوك ، ليكمل بها بقية عمره ، ولما رجعت السفينة مرة أخرى إلى المدينة اكتشفت في طريقها وجود سفينة غارقة ، وكان بين حطامها شابَا يصارع الأمواج ، فأنقذوه ، وطلبوا منه أن يكون ملكاً عليهم لمدة سنة واحدة

فرفض الشاب في البداية ، ولكنه وافق بعد ذلك وأخبره شعب المدينة بذلك القانون الذي يسود فيها ، وأنه بعد مرور سنة كاملة سوف يحمل إلى تلك الجزيرة المهجورة التي يتركوا فيها الملوك السابقين

بعد مرور ثلاث أيام على تولي ذلك الشاب لعرش المملكة ، طلب من رئيس الوزراء أن يرى تلك الجزيرة التي يرسل إليها الملوك ، فاصطحبه هو والجنود ورآها ، فإذا بها غابة كثيفة قد غطت بالغابات ، وسكنت بالحيوانات المفترسة التي تنطلق فيها منذ وقت طويل ، ولما نزل الملك وجنوده إلى أرض الجزيرة ، وجدوا جثث الملوك السابقين ملقاة على الأرض

ففهم الملك القصة وعلم أن كل ملك يصل إلى أرض الجزيرة يموت حيث تهاجمه الحيوانات المفترسة وتفتك به ، و عندئذ عاد الملك إلى مدينته وجمع من العمال مائة رجل قوي البنية ، وأخذهم معه إلى الجزيرة وهناك أمرهم بتنظيف الغابة والتخلص من الحيوانات المفترسة ، وإزالة جثث الحيوانات والملوك السابقين ، وكل ما يعكر صفو الحياة هناك

واعتاد الملك الشاب أن يزور الجزيرة مرة واحدة كل شهر ، يطمئن فيها على سير العمل وأحوال الجزيرة ، وكانت الجزيرة تبدو أجمل يومًا بعد يوم ، فالعمل بات يتقدم بخطوات سريعة ، ففي فترة وجيزة أزيلت الأشجار الكثيفة التي كانت تمنع تعبيد الطرق ، وتم التخلص من جثث الملوك والحيوانات بدفنهم ، فأصبحت الجزيرة نظيفة تمامًا

وبعدها أمر الملك العمال بزرع الحدائق وتربية الحيوانات المفيدة كالبط والدجاج والماعز في جميع أنحاء الجزيرة ، وبعدها بفترة أمر العمال ببناء بيت كبير على تلك الجزيرة ، ومرسى للسفن

وبمرور الوقت تحولت الجزيرة المهجورة إلى مدينة جميلة ينقصها تواجد البشر فيها ، وقد كان الملك الشاب فطنًا ذكياً ، فكان يلبس أبسط الملابس وأقلها غلوًا ، ولا ينفق على حياته وملاذته سوى اليسير ، وظل يكرس كل ما يدخره من مال لاعمار تلك الجزيرة التي سينتقل إليها بعد مرور العام

وبعد مرور 9 أشهر بالتمام والكمال جمع الملك وزرائه ، وأخبرهم أنه ينوي الرحيل ، ولكنهم ذكروه بقانون المدينة وأنه ينبغي عليه أن يقضي الثلاث أشهر الباقية قبل الرحيل ، فانصاع الملك لأمر القانون ، وبعدما مرت الثلاثة أشهر واكتملت السنة

جاء الدور على الملك ليتنقل إلى الجزيرة البعيدة ، فألبسه شعب المدينة أفخر الثياب  ووضعوه على الفيل الكبير ، قائلين له وداعاً أيها الملك ، ولكن الملك كان على غير عادة الملوك السابقين في تلك اللحظة ، فلم يعبث الحزن بوجهه ويبدل ملامحه

كان يضحك ويبتسم ، ولما سأله الناس عن ذلك أجاب بأنه تذكر قول أحد الحكماء عندما قال : تولد طفلاً في هذه الدنيا تبكي بينما جميع من حولك يضحكون ، فعش في هذه الدنيا واعمل ما تراه حتى يأتيك الموت ، وعندئذ تضحك بينما جميع من حولك يبكون

فبينما كان  الملوك السابقين منشغلون بمتعة السلطة والمال أثناء فترة الملك ، كنت أنا منشغلًا بالتفكير في المستقبل والتخطيط لما سيؤول إليه حالي ، فقمت بإصلاح وتعمير الجزيرة حتى أصبحت جنة صغيرة على الأرض أستطيع أن أعيش فيها بقية حياتي بسلام ، إن هذه الحياة الدنيا ما هي إلا مزرعة للآخرة ، فما سنزرعه سنحصده

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك