كان اختراع المصباح الكهربائي طفرة كبيرة أحدثت ضجة غير مسبوقة في العالم الذي كان يعيش على ضوء الشموع ، ويرجع الفضل في هذا السبق العظيم لواحد من أعظم المخترعين في عصره ، وهو توماس ألفا إديسون الذي ولد في الولايات المتحدة عام 1847م ، وقد عمل إديسون في عدة مشروعات تنوعت بين أجهزة التلغراف والأسلحة المضادة للغواصات ، وحصل علي أكثر من ألف براءة اختراع طوال حياته.
إن ما يجعلنا نتذكر إديسون إلي اليوم هو اختراعه الشهير للمصباح الكهربي ، ومن أكثر الأشياء غرابة في قصة هذا العبقري أنه لم يمكث بالمدرسة أكثر من ثلاثة أشهر ، ثم تم استبعاده من قبل إدارة المدرسة لأنهم ظنوا أنه طفل غبي ، ولكن والدته لم تظن كما ظنوا ، لقد أمنت بابنها وتولت بنفسها أمر تعليمه .
فغرست فيه حب التعلم ، وبدأ إديسون يقرأ كل ما تقع يداه عليه ، وعندما بلغ الخامسة عشرة تسبب حادث قطار في إصابته بصمم جزئي ؛ لذا تعلم استخدام جهاز التلغراف ، وعمل عامل تلغراف بنظام اليوم الكامل.
وفي تلك الفترة استغل طاقته في تحسين الأدوات ، واختراع الأجهزة التي تساعده علي تعويض فقده لحاسة السمع ، ونجح إديسون نجاحاً كبيراً حتى أنه ترك الوظيفة ، وتفرغ للاختراع ، وقال لنفسه : أريد أن اخترع شيئاً ينير للناس حياتهم.
فقرر أن ينتقل إلي نيويورك وشارك بعمله العديد من الأشخاص ، وركز جهوده في مجال التلغراف ؛ حيث كانت الشركات تتنافس لإيجاد معدات وأجهزه أفضل ، وبصفته مخترعاً مستقلاً ، فقد عمل إديسون لكل من يدفع له أكثر.
وأثناء عمله في شركه وسترن يونيون اخترع نظام تلغراف يمكنه إرسال أربعة رسائل في نفس الوقت ، ولكن حدث عام 1874م أن شركه منافسه عرضت عليه مائة ألف دولار ، وانتزعت الاختراع من وسترن يونيون.
ورغم ضخامة المبلغ استمر إديسون يعاني من المشكلات المادية ؛ لذا قرر أن يحادث والده ، وابلغه أنه سوف يحضر إلي مينلو بارك في نيوجيرسي ، لإنشاء معمله والتركيز على مخترعاته بمساعدة صديق له .
وبينما إديسون يعمل في اختراعاته الخاصة بنقل الأصوات ، كانت خطوات واسعة تقطع لتطوير مصابيح القوس الكهربي ، حيث يتولد الضوء في هذه المصابيح من شرارة كهربيه علي شكل قوس تمر بين موصلين .
كان الضوء الأتي من مصباح يعمل بهذه الطريقة مناسبا لإنارة الشوارع ، لكنها كانت أقوى بكثير من اللازم لإنارة المنزل ، ففكر إديسون في أنه ربما أمكن تخفيض شده الضوء الذي يولده القوس الكهربي داخل مصباح زجاجي .
وقد كان جهده منصباً علي منع انصهار زجاج المصباح بفعل الحرارة الشديدة ، بعد عده تجارب ثبت أن المصباح الزجاجي المفرغ أو الخالي من الهواء تماماً هو الأصلح وعند إمرار تيار كهربي في سلك رقيق من الكربون داخل المصباح فأنه يتوهج ، وهكذا اخترع إديسون المصباح الكهربي.
ويعتبر إديسون أحد أباء صناعه السينما ؛ والتي كانت تسمي صناعه الصور المتحركة في البداية ، وبعد تطوير الحاكي (الفونوغراف) أراد إديسون أن يجرب ربطه بصور تتحرك ، وكانت الفكرة عبقرية.
وبمساعدة ويليام ديكسون صنع إديسون آلة تصوير وجهاز عارض للحركة ، ولكن لسوء الحظ لم يجد طريقه لربط الصوت بالصورة ، إي الحركة ؛ لذا كان علي الفكرة أن تنتظر بعض الوقت ، علي اي حال لقد شيد إديسون في معمله أول صالة عرض للصور المتحركة ، وهو ما بدأ به عصر السينما الصامتة ، وقد ذاع صيت جهازه العارض للصور المتحركة ، وكان به فتحات يستطيع من خلالها شخص واحد أن يشاهد الصور المتحركة.
وبعد هذه الانطلاقة انتشرت أجهزه عارض الحركة في كل مكان حتى صنع المخترعون المنافسون أجهزة عرض بالإسقاط علي الشاشة ، وقد كان إديسون رجل أعمال نَشِط ، وظل هكذا حتى سنواته الأخيرة ؛ فقبل وفاته ببضعة أشهر فقط قام بافتتاح خدمة القطار الكهربائي والسكك الحديدية في المنطقة الواقعة بين مدن هوبوكين ، ومونتكلير ، ودوفر ، وجلادستون في ولاية نيو جرسي.
وكانت نظم نقل الطاقة لتلك الخدمة تتم باستخدام التيار الكهربائي ، الذي ابتكره إديسون ، وقد توفي توماس إديسون من مضاعفات مرض السكري في الثامن عشر من أكتوبر 1931م ، في حديقة منزله بلويلين في ويست أورنج ، نيو جرسي ، وهو المنزل الذي اشتراه سنة 1886م كهدية زفاف لزوجته مينا ، وبعدها تم دفنه خلف المنزل ، وتوفيت مينا زوجته في عام 1947م .