بعض القصص والروايات التي نسمعها من جداتنا ، قد لا تعد كونها تراثًا تناقلته الأجيال ، وقد تكن روايات عن أحداث حقيقية عاشها من هم في مثل سنها ، بحكم معايشتهم للواقع وأن الفترات الزمنية القديمة ، كانت تعج بالفعل بالأحداث التي لا يمكن أن يصدقها عقل اليوم بسهولة
تقول الراوية وتدعى أسماء ، كنا نجلس في منزلنا الريفي ، بإحدى الليالي الشتوية قارصة البرودة ، والجو عاصف بشدة بالخارج بدرجة مرعبة حقًا ، وأثناء تلك العواصف الرعدية وهذا الطقس المتقلب ، انقطع فجأة التيار الكهربائي
فقامت والدتي بإحضار بعض الشموع ، وأنارت المكان ريثما يعود التيار الكهربائي مرة أخرى ، وجلست برفقتها أنا وشقيقتي وجدتنا لأمنا ، نتبادل أطراف الحديث في غرفة المعيشة ، ونحن نلتمس دفء الحديث حتى عودة الكهرباء ، وهنا طلبنا من جدتي أن تروي لنا شيئًا يرفه عنا ، فقالت سوف أروي لكم قصة شجرة الزيتون الراقدة في نهاية قريتنا
قالت الجدة أن شجرة الزيتون تلك ، هي شجرة ملعونة ويسكنها شبح امرأة منذ القدم ، تدعى حسينة وكانت سيدة وحيدة ، تعيش في منزل صغير به مزرعة صغيرة الحجم ، عقب وفاة زوجها وكانت تعيش من إنتاج تلك المزرعة ، وتتكسب منه وكانت معروفة بالطيبة ودماثة الخلق
وفي تلك الفترة برزت ظاهرة اختفاء الأطفال ، من أبناء القرية حيث يخرج الأطفال للعب ، ثم يختفون دون أن يعودوا إلى منازلهم مرة أخرى ، ويظل أهل الطفل وباقي أفراد القرية يبحثون عنه ، ولكن دون جدوى أو حتى التوصل إلى أثر له
وكانت السيدة حسينة تنزعج كثيرًا من الأطفال ، ولكنها لم تكن تكرههم ، حيث كانوا يلعبون ويصدرون ضجيجًا مزعجًا لها ، ويقذفون المنزل بالحجارة إلا أنها كانت تصرخ بهم فقط ، ولكنها لا تكرههم أن تكره الكبار حتى
ومع الاختفاءات المتتالية للأطفال ، ظن بعض الأهالي من القرية بأن حسينة ، تقوم باختطاف هؤلاء الأطفال ، وتعذبهم داخل منزلها ثم تقتلهم وتتخلص من جثثهم في مكان خفي ، أسفل منزلها هذا ، أو أنها تأكل لحومهم أيضًا انتقامًا منهم
ولكن حسينة كانت بريئة ولم تفعل شيئًا من هذا الأمر ، وكان لمتهم هو شخص غريب عن أهل القرية يدعى عزيز ، كان يذهب إلى القرية متنكرًا في هيئة بائع للخضر أو الفاكهة ، ثم يستغل التهاء الأهالي بالبحث عن أحد الأفطال ، ليغوي طفلاً آخر ويأخذه معه إلى خارج القرية ، حيث يقوم ببيعه كعبد لشخص يريد أطفالاً ويتحصل هو على المال من تلك العملية
وبينما ارتعدت فرائص الأهالي واتهموا حسينة بكل تلك الاتهامات الباطلة ، إذا بالمجرم عزيز يستغل الفرصة ويختطف المزيد من الأطفال ، على الرغم من مداهمة الشرطة لمنزل حسينة ، إلا أنهم لم يجدوا شيئًا عقب التفتيش والتحقيقات
واستغل الأهالي بالقرية انشغال الشرطة بالتحقيقات ، واقتحموا منزل حسينة وقيدوها إلى شجرة الزيتون في نهاية قريتهم ، وقاموا بسكب الوقود عليها ، وأشعلوا فيها النيران حتى ماتت المسكينة محترقة
مرت عدة أيام وعادت ظاهرة خطف الأطفال ، فأدرك الأهالي حينها أنهم قد ارتكبوا خطأ فادحًا ، وعلى الرغم من ندمهم جميعًا إلا أن الشجرة ذبلت ، وسكنها شبح حسينة ، فكان كل من يقترب من الشجرة تشتعل به النيران
وقيل أن أحد المزارعين وكان ابنه بين الأطفال المخطوفين ، وكان هو أحد من شككوا في حرق حسينة ، جلس يستريح عند الشجرة من عناء العمل ، واستيقظ ليجد المساء قد حل ، فعاد إلى بيته ، ليشتعل المنزل بالمزرعة والماشية وكل ما يخصه ، وهنا أدرك الأهالي بأن حسينة المسكينة قد صارت شبحًا غاضبًا ، عاد لينتقم منهم جميعًا