قصة اليوم عن الفتى أونامير المغربي ، أو الأمازيغي على وجه الدقة ، هذا الفتى الذي وُلد يتيمًا ، حيث توفى والده وهو طفل رضيع ، وربّته والدته وحدها ، حتى أصبح يسير بين الناس وهو مشهود له ، بحسن الخلق وطيب القلب
مرت الأيام وصار أونامير شابًا يافعًا ، جميل الطلعة وحسن الخلق ، مما زاده جمالاً فوق جماله ، وبالإضافة إلى التزامه الأخلاقي الشديد ، كان أونامير يذهب إلى الكتاب ليتعلم القراءة والكتابة ، فصار محط إعجاب كل من حوله
وفي أحد الأيام استيقظ أونامير ليجد يداه مخضبتان بالحناء ، فذهب إلى الكتّاب فوبخه معلمه ، وضربه بقسوة وقال أن هذا الأمر يعد تشبهًا بالنساء ، وطلب منه معلمه ألا يفعل ذلك ثانية ، ولكن أونامير لم يكن هو الفاعل ، فالمسكين استيقظ ليجد يديه بهذا الشكل ، دون إرادته
في اليوم التالي حدث نفس الشيء ، وذهب أونامير فضربه معلمه مرة أخرى ، وتكرر الأمر لأيام عدة ، أصابت فيها الحيرة معلم أونامير ، فطلب من الفتى ألا ينام ، حتى يدرك من يفعل معه ذلك
بالفعل وافق أونامير رواية معلمه ، وذهب للخلود إلى النوم باكرًا ، وظل على هذا الوضع ، ولكنه لم يغف حقًا ، فإذا به يشاهد حوريات قد جئن إلى غرفته ، وقمن برسم الحناء على يديه ، وما أن أنهين مهمتهن ، حتى انصرفن جميعًا
ذهب أونامير لمعلمه وروى له ما رآه ، فقال له معلمه أن يقوم بربد خيط وإبره إلى ثوبه قبل النوم ، وعندما تأتي الحوريات يتركهن يفعلن ما أتين له ، ثم يدعهن يذهبن ، ولا يترك الأخيرة منهن تنصرف ، ثم يطلب منها الزواج
بالفعل قام أونامير بما أمره به معلمه ، واحتجز لديه الحورية الأخيرة ، فتوسلت إليه أن يتركها تصعد مع الحوريات إلى السماء السابعة ، فهي لا يمكنها الزواج منه ، ولكن أونامير تمسك بها ، فقالت له أنها لن تتزوجه سوى بعد أن ، يصنع لها بيتًا من سبعة غرف ، متداخلة وتفتح كلها بمفتاح واحد ، ويغلق بابها حتى لا يراها أحد قط
قام أونامير بتنفيذ ما طلبته الحورية ، وبنى بيتًا من سبعة غرف ، لواحدة داخل الأخرى وتفتح بمفتاح واحد ، ووضع بداخلها الحورية وأغلق الباب ، حتى لا يطلع على سره أحد ، وفي أحد الأيام طلبت الحورية من زوجها أونامير ، أن يأتيها بلحم غزال فخرج أونامير ممتطيًا جواده وانطلق صوب الغابة ، بعد أن أغلق على حوريته الباب ، ووضع المفتاح أسفل كومة من القش
جاء أحد الديكة يلعب في كومة القش ، ووجد المفتاح فأعطاه لأم أونامير ، وما أن أخذت أمه المفتاح حتى طارت نحو الباب ، لتكشف ما يخفيه أونامير خلفه ، وبالفعل ظلت تفتح الأبواب الواحد تلو الآخر ، حتى دخلت لتجد الحورية تمشط شعرها ، فأهانتها وسبتها وطلبت منها الرحيل ، وعندما عاد أونامير ووجدها تبكي ، روت له ما حدث من أمه ، وطلبت منه أن يفتح لها النافذة حتى ترحل ، وأمام إصرارها لم يجد أونامير مفرًا من تنفيذ طلبها ، وبالفعل رحلت الحورية وصعدت إلى السماء السابعة وهي تودع زوجها
مرت الأيام وتدهورت صحة أونامير ، الذي حزن بشدة لفراق زوجته ، وظل جسده ينحل يومًا بعد الآخر ، حتى اتخذ قراره بأنه سوف يصعد للسماء السابعة خلف زوجته
حمل أونامير أمتعته وودع أمه ورحل ، يبحث عن كيفية يصعد بها للسماء السابعة ، ولكنه ظل يبحث حتى دلّه أحد الأشخاص على عجوز يعرف الطريقة ، فذهب إليه أونامير فقال له العجوز ، اذهب للصخرة الخضراء وهناك ستجد نسرًا ضخمًا ، اطلب منه أن يقلك إلى هناك
ذهب أونامير إلى المكان المنشود ، وبالفعل وجد النسر الذي اشترط عليه ألا يحدثه طوال الطريق ، وطار به نحو السماء وظل يصعد ، حتى بلغ السماء الخامسة ، ونظرًا لكبر سنه لم يستطيع الصقر أن يواصل الطريق ، فقام أونامير بقطع جزء من لحمه وأطعمه للنسر ، الذي دبت فيه الحياة والنشاط مرة أخرى ، وصعد به نحو السماء السابعة
وجد أونامير زوجته التي تهللت فرحًا ، وأخذته إلى قصرها وعاش معها طويلاً ، وأخبرته الحورية ألا ينظر أبدًا من أحد الثقوب في القصر ، ولكن أونامير كان الشوق قد بلغ منه مبلغه ، فأراد رؤية أمه فهو يعلم بأن الثقب ، يطل على الأرض
وبالفعل نظر أونامير من الثقب فوجد أمه ، قد هزلت بشدة وفقدت عيناها من كثرة بكائها عليه ، فانزعج أونامير بشدة ، وقرر أن يلقي نفسه من الثقب ، وظن أنه هكذا سوف يصل لأمه ، ولكن للأسف كانت الرياح شديدة جدًا من هذا الارتفاع ، فتقطع جسد أونامير إلى أشلاء ، وتساقط دماؤه على الأرض وفي الهواء ، فسقطت بعضها على عيني أمه فارتدت بصيرة ، ولكنه كان قد فارق الحياة بسبب تعلقه الشديد ، بزوجته وأمه وتقطع بينهما