كان قراقوش حاكمًا يقضي بإحكام صارمة ولا يوقعها على الجناة أنفسهم ، بل على أشخاص تربطهم بهم علاقة بعيدة كل البعد عن الجريمة ، وفي عهد قراقوش ذهب لصًا ذات ليلة إلى دكان خياط لكي يسرق ما فيه من ثياب وأقمشة وبعد أن فتح الباب ودخل الدكان ، وكان الظلام دامسًا ولم يجرو اللص على إضاءة المكان خشية أن ينكشف أمره
فأخذ اللص يتحسس ما في الدكان هنا وهناك وعثر اللص بشيء فسقط على وجهه ، فوقع على كومة من الثياب ، كانت إبرة مغزوزة فيها ، فأصابت عين اللص وأتلفتها ثم خرج من الدكان والدم ينزف منها ، وبعد أيام اُكتشف أمر اللص وبلغ الخبر قراقوش ، فاستدعاه وسأله عما وقع له فأخبره اللص بالحقيقة ، ثم قال له مولاي لم ألحق أي ضرٍ بالخياط هو من تسبب في خسارة عيني والقانون يعاقب على العين أليس كذلك يا مولاي
ورد قراقوش بقوله صدقت العين بالعين ، وكان الخياط حاضرًا فالتفت إلى قراقوش وقال مولاي أن أعتمد على عيني في عملي وكسب رزقي ورزق أولادي وإذا خسرت عيني انقطع رزقي ورزقهم وفي ذلك ضرُ عظيم ، فقال له لابد من تنفيذ القانون ، فقال الخياط يمكن تنفيذ القانون دون إحداث ضر يا مولاي ، كيف ؟قال إني لي جار صياد يغمض إلا عيناه عند الصيد ولا يستعملها وإذا نُفذ فيها القانون فلم يصيبه أي ضر ، فقال الحاكم صحيح تمامًا ، وأعجبت الفكرة قراقوش فاستدعى الصياد ، ولما حضر سأله قراقوش هل أنت صياد فقال له نعم يا مولاي فرد وماذا تصيد ، الغزلان والأرانب وغيرها ، فقال له الحاكم أرني كيف تصيد ، وحدق الصياد إلى هدف وبدا بأنه يصوب في اتجاه وعندئذ قال قراقوش إنك تعتمد على عين واحدة في الصيد فقال الصياد نعم يا مولاي ، ولا تستعمل الأخرى فقال صحيح يا مولاي صدقت وبناء على قاعدة العين بالعين نحكم بقلع عينك التي لا تستعملها بدلًا من عين الخياط ، وصاح الصياد وسقط مخشيًا عليه