كان الملك خسرو أحد ملوك الفرس في القرن الثاني عشر الميلادي ، وكان لهذا الملك زوجة يحبها حباً جماً تدعى شيرين ، وكان الملك مغرماً بأكل السمك وفي يوم من الأيام حينما كان الملك خسرو يجلس مع محبوبته شيرين في فناء القصر الكبير ، سمع منادياً ينادي بصوت مرتفع بأن معه سمك يبيعه .
فقام الملك بإرسال خدمه إلى بائع السمك لكي يحضره إلى القصر ليشترى منه السمك ، كان هذا البائع صياداً للسمك وكان قد اصطاد كل ما معه من السمك ، وكان من بين تلك الأسماك سمكة كبيرة وجميلة أعجبت الملك خسرو ، فأخذها الملك منه وأعطاه أربعة ألاف درهم فاخذ الصياد المال ومضى في طريقه .
كانت زوجه الملك شيرين تجلس إلى جواره آنذاك فقالت للملك : بئس ما صنعت فتعجب الملك مما قالت وقال لها : لماذا تقولي هذا الكلام ؟ فقالت للملك إنك إن أعطيت أحد من خدمك أو خاصتك أقل منه سيقولون لو أعطى الملك مثلما أعطى الصياد ، فقال لها الملك خسرو : صدقتي ولكن يقبح بالملوك أن يرجعوا في عطيتهم .
فقالت الزوجة : أنا أتدبر هذا الأمر فسألها الملك خسرو كيف هذا ؟ فقالت للملك أحضر الصياد واسأله إذا كانت تلك السمكة ذكر أم أنثى ؟ فإن قال أنثى قل له أريد ذكراً وإن قال ذكراً قل له أريد أنثى ، فأرسل الملك الخدم لكي يحضروا الصياد وبالفعل أحضروه .
وعندما دخل الصياد على الملك سأله الملك : هل السمكة التي اشتريتها منك أنثى أم ذكر ؟ فقال له الصياد : يا مولاي تلك السمكة خنثى فهي ليست ذكر ولا أنثى ، فأعجب الملك بذكاء الصياد وفطنته وأمر له بأربعة ألاف درهم أخرى ، وكانت تلك الدراهم من الفضة الثقيلة فحينما وضعها الخدم في كيس الصياد حملها الصياد ، وقبل خروجه من القصر سقط منه درهم فضي على الأرض .
فأنزل الصياد كيس النقود الذي معه لكي يحضر هذا الدرهم ، وكانت الملكة شيرين والملك ينظران له بغيظٍ شديدٍ ، وقالت الملكة للملك : انظر إلى خسة هذا الصياد لقد أنزل كيساً من النقود به ثمانية ألاف درهم من أجل درهمٍ واحدٍ فقط سقط منه ، ولم يتركه خوفاً من أن يقع في يد أحد غلمانك .
فقال لها الملك خسروا : أجل ولكن هذه عطية الملوك فماذا أفعل ؟ فقالت الملكة : دعني أنا أتدبر هذا الأمر ، فقال لها الملك خسرو كيف هذا ؟ فقالت له : استدعي الصياد ووبخه على خسة هذا الفعل ، فحضر الصياد مرة أخرى فوبخه الملك وقال له كيف تجرؤ أن تضع كيساً بة ثمانية ألف درهم من أجل درهم واحد فقط سقط منك ! ما هذه الخسة ؟ هل عز عليك أن يلتقطه أحد غلماني ؟ ما أقبح ما فعلت أيها الصياد فقال الصياد الذكي : يا أيها الملك لم أتناول هذا الدرهم من على الأرض إلا لعظمته عندي ، وتقديري لك أيها الملك العظيم فهذا الدرهم على وجهه توجد صورتك وعلى الوجه الأخر يوجد اسمك فخشيت أن يدوسه أحد بغير قصد فأكون قد تسببت لك في الإيذاء ، فأعجب الملك كثيراً بذكاء وفطنة هذا الصياد ثم أمر له بأربعة ألاف درهم أخرى .
ومضي الصياد الذكي ومعه اثنا عشر ألف درهم ، وبعدها نظر الملك خسرو لزوجته شيرين وقال لها : بئس ما صنعتي فقد كلفتنا تلك السمكة اثنا عشر ألف درهم بسبب سوء رأيك ، ثم أمر الملك خسروا بمنادي ينادي بالمملكة بأن لا يأخذ أحد برأي النساء أبداً كي لا تضيع أمواله .