قبل اكتشاف الأنسولين كان داء السكري من الأمراض المخيفة التي كان مصير صاحبها هو الموت ، كان السكري يساهم على تفاقم حالة المريض ، وكان العلاج الأكثر فعالية هو وضع نظام غذاء صارم للغاية من أجل الاحتفاظ بالسكر في الحد الأدنى ، في تلك الحالة ممكن للعلاج أن يمد حياة المريض عامين أو ثلاث ولكنه كان لا يطيل الحياة ولا ينقذهم أبداً ، وفي بعض الأحيان كانت تسبب الحميات القاسية للمريض الموت جوعاً خلال القرن التاسع عشر ، أظهرت الملاحظات على المرضى الذين ماتوا بسبب داء السكري أن البنكرياس أصيب بأضرار ، وفي عام 1869م وجد أن الطلاب الألمان وهو بول لانجرهانز (Paul Langerhans) أنه داخل أنسخة البنكرياس التي تنتج العصارات الهضمية كانت هنالك مجموعة من الخلايا والتي كانت وظيفتها غير معروفة ، وفي نهاية المطاف تبين أن بعض هذه الخلايا هي خلايا بيتا المنتجة للأنسولين وتم تسمية مجموعة الخلايا هذه على اسم مكتشفها تكريماً له .
وفي عام 1889م في ألمانيا ، أظهر عالم الفيزيولوجيا أوسكار مينكوفسكي (Oskar Minkowski) والطبيب جوزيف فون ميرينج (Joseph von Mering) أنه إذا تمت إزالة البنكرياس من كلب أصيب الكلب بمرض السكري ، ولكن إذا كانت القناة التي تتدفق من خلالها عصارة البنكرياس إلى الأمعاء مربوطة فإن الكل سوف تظهر لديه مشاكل في الجهاز الهضمي ولكن دون الإصابة بداء السكري ولذا قالوا أن البنكرياس له وظايفتان إنتاج عصارات الجهاز الهضمي ، وإنتاج مادة تعمل على تنظيم سكر الجلوكوز ، كان هذا الإفراط الداخلي الافتراضي هو المفتاح لو تم حل اللغز سوف يتم حل لغز داء السكري ولكن التقدم كان بطئياً .
فكرة الدكتور فريدريك بانتينغ : في شهر أكتوبر لعام 1920م في تورنتو في كندا كان الدكتور فريدريك بانتينغ ، وهو جراح مجهول ، كان لديه فكرة أن عصارة البنكرياس بالجهاز الهضمي يمكن أن تكون ضارة لإفراز البنكرياس الذي تنتجه خلايا لانجرهانز ، لذا أراد أن يجرب قنوات البنكرياس من أجل توقف تدفق الغذاء للبنكرياس والذي من شأنه أن يسبب تدهور في البنكرياس مما يجعله يتقلص ويفقد قدرته على إفراز العصارات الهضمية ، ويمكن بعد ذلك إستخراج الخلايا التي يعتقد أنها تنتج إفراز مضاد لمرض السكري من البنكرياس دون أن تتعرض للأذى .
وفي أوائل عام 1920م أخذ بانتيغ الفكرة ليعرضها على الاستاذ جون ماكلود في جامعة تورنتو ، كان من الشخصيات البارزة في دراسة مرض السكري في كندا ولكنه لم يفكر في نظريات بانتيغ وعلى الرغم من ذلك تمكن من إقناعه بفكرته وأعطاه ماكلود المعمل ومجموعة من الكلاب لاختبار عليها وكان مساعده Charles Best طالب في كلية الطب وكان من المقرر ان تبدأ التجربة بصيف 1921م .
عندما بدأت التجربة على بنكرياس الكلاب نتج عن ذلك أنها سببت ارتفاع في مستوى السكر بالدم ، أصبحت الكلاب عطشى ، شرب الكثير من الماء ، والتبول الكثير ، وأصبحت الكلاب أضعف وأضعف ، وتمت التجربة على كلب أخر ، وتم توقف الغذاء وتدهور البنكرياس وبعد فترة قاموا بإزالة البنكرياس وقاموا بتجميد خليط الماء والأملاح تم تصفية المادة وأطلقوا عليها اسم الأنسولين ، وتم حقن الكلب الأول المصاب بداء السكري انخفض مستوى الجلوكوز بالدم وبدا الكلب أكثر صحة وتم حقن الكلب بالأنسولين في اليوم التالي حتى أصبحت خالياً تماماً من الأعراض ، كانت النتائج مدهشة أعجب بها ماكلود حتى نجحت بالفعل جميع التجارب .
ومن أجل المزيد من التجارب تم إجراء التجارب على الأبقار وتمكنوا من إنتاج ما يكفي للحفاظ عليهم على قيد الحياة أقنعت النتائج ماكلود ، وفي أواخر عام 1921م انضم إليهم شخص ثالث هو عالم الكيمياء الحيوية برترام كوليب أعطاه ماكلود مهمة تنقية الأنسولين بحيث تكون المادة نظيفة بما يكفي لاختبار على البشر ، وخلال الاختبارات المكثفة أدرك الفريق أيضاً أن عملية تقليص البنكرياس لم تكن ضرورية .
التجارب على البشر : كان الفريق حريصاً لإجراء التجارب على البشر كان ذلك بواسطة الحقن بمادة الأنسولين ولكن حتى لا يتعرضوا للأذى لابد من حقنهم بالمستخلص ، واصل كوليب عملية تنقيح الأنسولين ، وتعلم كيف يقلل من الجرعات الزائدة من الأنسولين حسب الجلوكوز ، واكتشف أنه يجب أن يكون نقياً قدر الإمكان ، في يناير عام 1922م في تورنتو تم الاختبار على ولد يبلغ من العمر 14 عام هو ليونارد تومبسون ليكون أول شخص مصاب بالسكري يستقبل مادة الأنسولين كان الاختبار ناجحاً سرعان ما استعاد الولد صحته وشهيته قام الفريق حينها بتوسيع الاختبار على مرضى سكر آخرين وتفاعلوا مع مستخلص الأنسولين بشكل إيجابي .
جائزة نوبل : انتشرت التجارب الناجحة في أنحاء تورنتو ، وفي عام 1923م قررت لجنة المنح التابعة لجائزة نوبل منح الجائزة لطبيب فريدريك بانتينغ والأستاذ جون ماكلود عالم وظائف الأعضاء ، غضب الطيب وقال أن الجائزة لابد ان تكون مشتركة مع مساعده وقسم الجائزة النقدية مع مساعدة وقسم كاكلود الجائزة النقدية مع برترام كوليب .
تم منح حقوق الاكتشاف لجامعة تورنتو والتي تستخدم دخل الأنسولين لتمويل أبحاثها وبعد وقت قصير من اكتشاف الأنسولين بدأت الشركة الطبية Eli Lilly بإنتاج المستخلص على نطاق واسع ، وفي عام 1923م بدأت الشركة بإنتاج ما يكفي من الأنسولين لتزويد القارة الأمريكية بأكملها يعد الأنسولين بالرغم من أنه لا يشفي مريض السكر من أكبر الاكتشافات في مجال الطب كان الأمر بمثابة معجزة فيمكن للمريض أن يعيشوا حياة طبيعية جداً دون الشعور بالمرض من الأساس .