تتزاحم المعالم التاريخية في جميع أنحاء العالم ، ومن أهم تلك المعالم في ايطاليا هو برج بيزا المائل وهو البرج الخاص بجرس كاتدرائية مدينة بيزا ، وبدأ بنائه في شهر أغسطس لعام 1173م ، وقد استمر بنائه 199 عاماً ، ويتألف من ثمانية طوابق تم بنائها من الرخام الأبيض على ارتفاع 56.
2 متر ، وقد أُطلق عليه اسم “برج بيزا المائل” نتيجة لحدوث ميلان به حيث أنه قد انحرف عن المستوى العمودي .
كيف أصبح برج بيزا مائلاً : كان من المفترض أن يصبح ذلك البرج على مستوى عمودي ، غير أنه بدأ يميل عن مساره الطبيعي بعد البدء في البناء بمدة قليلة ، حيث ظهر الميلان خلال المراحل الأولى من البناء ، غير أن المعماريين والمهندسين استمروا في أعمال البناء دون توقف ، حيث قد تم تنفيذ البناء على نفس درجة ميلانه ، وحينما بدأوا في بناء الدورين الرابع والخامس خلال عام 1275م ؛ قام المعماريون بمحاولة تحريك مركز ثقل البرج من أجل تجنب ذلك الميلان ، ولكنهم لم ينجحوا في تلك المهمة .
تسبب ذلك الميلان في حيرة العديد من العلماء الذين تساءلوا كثيراً عن سر ميلان البرج وسر بقائه على وضعه طيلة كل هذه السنوات ، وذُكر أن السبب وراء ميلان هذا البرج هو إصابة التربة بالهبوط والرخاوة ، وقد تعرض البرج إلى ما لا يقل عن أربعة زلازل شديدة قامت بضرب المنطقة المحيطة به منذ عام 1280م ، وعلى الرغم من ذلك بقي البرج صامداً رغم ميلانه .
أثبت المعماريون أن السبب الرئيسي لميلان البرج هي تلك التربة الرخوة التي بُني عليها ، حيث أنها تهبط مع مرور الزمن ، وحاول المعماريون تعديل ذلك الميلان أثناء بناء الطابق الخامس خلال عام 1275م ، لأنهم أرادوا إرجاع البرج إلى مركز توازنه الصحيح ، غير أنهم فشلوا في ذلك ، ومنذ ذلك الحين ولازالت هناك العديد من المحاولات من أجل بناء دعامات تعمل على تخفيف ميلان البرج حتى لا يسقط .
تم منع السياح من الصعود إلى ذلك البرج خلال عام 1990م ، وذلك بسبب الخطورة التي تحيطه لكونه آيل إلى السقوط في أي وقت ، ولكن المسئولون أعادوا فتح أبوابه في نهاية عام 2001م بعد الجهود العديدة التي تم تنفيذها من أجل دعم البرج ليكون مستقراً في مكانه وآمناً بالنسبة لكل من يزوره .
قد تمكن فريق مختص بالبحث في أوضاع البرج إلى أن السبب في بقائه على حاله دون سقوط يرجع إلى ظاهرة معروفة باسم التفاعل الديناميكي للتربة ، وقد تم دعوة البروفيسور مايلونكيس المتخصص في مجال الهندسة المدنية بجامعة بريستول ؛ كي ينضم إلى فريق البحث المكون من ستة عشر عضواً تحت إشراف البروفيسور كاميلو نوتي القادم من جامعة روما تري
Roma Tre
، في إطار عملية استكشاف ذلك البرج الذي مال عن مساره الطبيعي.
وقد تحدث البروفيسور مايلونكيس عن نتيجة الدراسات التي قاموا بها عن البرج ، حيث قال أنه من المفارقات التي حدثت هي أن التربة ذاتها التي تسببت في ميلان البرج وعدم استقراره ليصبح مدفوعاً إلى الانهيار ؛ هي أيضاً التي يعود لها الفضل في مساعدة البرج على ثباته وحفاظه على توازنه على الرغم من تعرضه لبعض الأحداث الزلزالية.
وأكد العلماء أن الارتفاع الكبير للبرج بجانب النعومة الموجودة بالتربة الأساسية ؛ عملا على تعديل خصائص الاهتزاز لذلك الهيكل العظيم بحيث لا يهتز البرج في حال حدوث زلازل ، ويُقدر الميلان الحالي للبرج بنسبة 5.
5 درجة ، وقد تم تنفيذ العديد من الخطط من أجل تثبيت البرج وتم التوصل إلى الحل الأمثل وهو إزالة 38 متر مكعب من تلك التربة القابعة أسفل الطرف المرتفع بقاعدة البرج ، وقد تم الإعلان الرسمي بأن برج بيزا سيظل مستقراً على الأقل لمدة ثلاثمائة عام .