قصة مدينة النحاس

منذ #قصص هل تعلم

مدينة النحاس هي تلك المدينة ، التي تقع في فيافي الأندلس بالمغرب ، وكانت الجن قد بنتها لسيدنا سليمان عليه السلام ، بالقرب من بحر الظلمات ، وتلك هي قصتها .

بلغ عبد الملك بن مروان ، قصة مدينة النحاس ، وقيل له أنها تقع بالأندلس ، وأن من بناها هم الجن المسخرون لسيدنا سليمان ، فأرسل بن مروان إلى عامله في المغرب ، وطلب منه أن يخبره بما في تلك المدينة من عجائب ، وعقب أن وصل هذا المرسال من بن مروان ، إلى العامل في المغرب والذي يدعى موسى بن نصير ، قام وخرج بصحبة الكثير من العسكر ، والعدة والعتاد والكثير من الزاد ، وطلب من بعض الإدلاء مرافقتهم في تلك الرحلة ، من أجل البحث عن تلك المدينة .

سافر الجميع على طريق وعر ، ولا يسلكه أحد لمدة أربعين يوماً ، بعد أن انقضت وجد نفسه هو ورفقته أمام أرض واسعة ، بها الكثير من العيون والينابيع والطيور والأشجار ، ثم تراءى له سور المدينة ، فكانت هي مدينة النحاس ، لتي هالهم رؤيتها من الخارج ، هنا قام الأمير موسى بتقسيم من رافقوه إلى قسمين ، وطلب من كل قسم أن يدور حول هذا السور من ناحية ، ليشاهد الناس من حولها وينظر أين بابها ، فغاب أحدهم ستة أيام ، ثم عاد مع جنده في اليوم السابع ، وأخبر الأمير موسى بأنهم قد ساروا حول السور ، فلم يجدوا أحداً من الناس ، ولم يصادفهم وجود باب لها .

هنا سأل الأمير من حوله مستشيراً إياهم ، عن طريقة لمعرفة أين يقع باب مدينة النحاس ، فاقترح أحدهم أن يحفروا أساس المدينة ، وعن طريق ما تم حفره يمكنهم أن يدخلوا إليها ، فأمر الأمير بالحفر عند السور ، فنفذوا أمره ، ولكنهم عندما وصلوا إلى أساسها النحاسي والمياه من تحتها ، غمرهم الماء فأدركوا أنهم لن يمكنهم ، أن يدخلوها عنوة .

هنا اقترح بعض المهندسين أن يبنوا برجاً مرتفعاً ، إلى جوار إحدى زوايا سور المدينة ، ليستطيعوا من خلاله أن يشاهدوا ما خلف السور ، هنا قام الجميع بحفر الصخور وتشييد برجاً من الصخور ، على ارتفاع بلغ مقداره 300 ذراعاً ، ورغم ذلك لم يستطيعوا أن يصلوا لنهاية السور ، فكان الفرق بينهما قدره 200 ذراعاً ، هنا أمر الأمير موسى أن يتخذوا من الأخشاب الجافة ، مرتفعاً لهم فقاموا بفعل ذلك .

فكان بينهم وبين السور ما قدره 170 ذراعاً ، هنا اقترح أحدهم أن يأتوا بسلم عظيم ويرفعوه فوق السور ، فقال موسى من صعد إلى الأعلى سوف نمنحه ديّة ، فتقدم رجل من الشجعان وقال إن بلغت حياً ، فسوف تكون تلك مكافأتي ، وإن هلكت فسلموها إلى أهلي ، فصعد الرجل حتى بلغ القمة ، وبدأ يضحك ثم ألقى بنفسه إلى داخل المدينة ، هنا بدأ من بالأسفل يسمعون صياحاً مفزعاً ، وأصواتاً مختلطة فارتعبوا وبدؤوا يبتعدون عن السور ، وظلت تلك الأصوات لثلاث ليال ، ثم خفتت فجأة .

هنا طلب الأمير موسى ، أن يصعد شجاع آخر فتطوع رجل ، في مقابل الحصول على ديتين وقال لمن حوله ، اربطوا حبلاً في خصري ، فإذا صعدت وأردت أن ألقي بنفسي ، فاجذبوني لكم وامنعوني من فعل ذلك ، ففعلوا ذلك وصعد الرجل ، حتى إذا صعد ألقى نفسه ، فقاموا يجذبونه نحوهم ، ولكن كان شيئاً يجذب الرجل من الناحية الأخرى ، حتى تزايد الصياح والضجيج .

هنا يأس الأمير موسى ، من الوصول إلى سر مدينة النحاس ، فقد شعر بأن الجن يأخذون كل من أراد الاطلاع على سر المدينة ، فأمر جنوده بالرحيل من تلك المنطقة ، وعقب أن سار برفقة الجميع خلف المدينة ، شاهد ألواحاً من الرخام الأبيض ، تحمل أسماء الأنبياء والمرسلين ، والعديد من الجبابرة والملوك والتابعين والفراعنة ، وذكر النبي صلّ الله عليه وسلم ، ثم وجدوا لوحاً مكتوب عليهم ألا يطؤوا تلك الأرض ، فمن يدخلها هالك لا محالة ، هنا تساءل موسى ، كيف لأرض لا نبات فيها ولا زرع أن يهلك بها الناس ؟ هنا أمر موسى عبيده وجنوده ، أنم يدخلوا الأرض خلف هذا اللوح ، ولما دخلوا فإذا بنمل أسود يهاجمهم كالسباع ، حتى أجهز عليهم وعلى خيولهم ، حتى وصل إلى اللوح الأبيض ، فتراجع النمل وكأن هناك شيئاً منعهم ، فتعجب الجميع مما حدث ثم استكملوا طريقهم ، فأتوا على بحيرة فأمر الغواصون بالنزول إليها .

فنزلوا ليصعدوا وفي أيديهم مجموعة من الجباب المغلقة ، بأغطية من الرصاص مختوم عليها بعض الطلاسم ، فأمر موسى بفتحها ، فخرج من أحدها فارس من نار يمتطي جواداً من نار ، وقال وهو يطير في الهواء ، يا نبي الله لن أعود ، ففتحوا واحد آخر فحدث نفس الشيء ، هنا قال موسى أنهم جن حبسهم سيدنا سليمان ، لأنهم تمردوا وليس لهم أن يحرروهم ، فأعاد الغواصون الجباب ، ثم أذن مؤذن فانطلقوا لصلاة الظهر قبل أن يعودوا أدراجهم إلى حيث أتوا .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك