قصة المحلق من القصص التي تواردت عليها روايات كثيرة ، منها الخاطئ ومنها الصادق ، وسنروي أصدق قصة اتفق عليها الرواة ، المحلق على وزن معظم ، وهو أبو مسمع عبدالعزى بن خثيم بن شداد بن ربيعه بن عبدالله بن عبيد ، وهو أبو بكر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعه العامري ثم الكلابي .
أبا مسمع وبناته وحاله : وقد كان رجلاً مقلاً من المال ، فمر به الأعشي في بعض السنين ذاهيا إلى السوق عكاظ فقالت له أمه : إن أبا بصير رجل مجدود في شعره ، وأنت رجل خامل مقل لك بنات قيل عشرة ، وقيل ثمان فلو سبقت إليه وأكرمته رجونا أن يكون لك منه خير .
قصة شكوى أبا المسمع حاله وحال بناته : فبادر الملحق إليه وأنزله ونحر له وسقاه ، ثم شكا إليه حاله وحال بناته ، فقال له : ستكفي أمرهن ، فلما أصبح غدا إلى سوق عكاظ فقام وأنشد قصيدته التي يقول فيها : أرقت وماهذا السهاد المؤرق .
ومابي من داء ومابي معشق .
ولكن أراني لا أزال بحادث .
أغادي بما لم يمس عندي وأطرق .
فكم امرأ أسرى إليك ودونه .
سهوب وموماة وبيداء سملق .
لمحقوقه أن تستجيبي لصوته .
وأن تعلمي أن المعان موفق .
إلى أن قال : لعمري لقد لاحت عيون كثيرة .
إلى ضوء نار في يفاع تحرق .
تشب لمقرورين يصطليانها .
وبات على النار الندى والمحلق .
رضيعي لبنان ثدي أم تحالفا .
بأسحم داج عوض لا نتفرق .
ترى الجود يسري سائلا فوق وجهه .
كما زان متن الهنداوني رونق .
نفى الذم عن آل المحلق جفنه .
كجابية الشيخ العراقي تدفق .
ترى القوم فيها شارعين وبينهم .
شيوخ وولدان من الحي دردق .
استرسال أبا مسمع في شكواه : إلى أن قال : أبا مسمع سار الذي قد فعلتم .
فأنجد أقوام بذاك وأعرقوا .
وأن عتاق العيس سوف يزوركم .
ثناء على أعجازهن معلق .
به تنقض الأحلاس في كل منزل .
وتعقد أطراف الحبال ويطلق .
يداك يدا صدق فكف مبيرة .
وكف إذا ما ضن بالمال تنفق .
كذلك فافعل ما حييت إذا شتوا .
وأقدم إذا ما أعين الناس تفرق .
إلخ .
خطبة بنات أبو مسمع جميعهن بعد الأبيات الشعرية : فلم يفرغ من إنشادها حتى تسارع الأشراف يخطبونه بناته ، فما باتت واحدة منهن إلا في عصمة رجل أفضل من أبيها بكثير ، وفي قصته روايات كثيرة ، ويقال أن هذه أصدقها .