بعض الأحداث المرعبة قد تأتي إلينا دون تخطيط ، وقد نتساءل هل هناك ما هو مرعب ويأتي بتخطيط منا ؟ نعم ، فقد تلجأ إلى كتب السحر والشعوذة في محاولة بائسة منك لجلب أمنياتك بتسخير مردة الجان أو استدعاء الأرواح المظلمة ، بينما قد تجلس في منزلك أو تبتاع شيئًا ينقلك وأنت في مكانك إلى العالم السفلي ، أو يضعك في تجربة لا ترغب بها وتخوض فيها هذا العالم الغامض ، عالم الجان والشياطين ، والجحيم . البداية : يقول الراوي ويدعى عصام ، أن عيد مولد شقيقه الأصغر يوافق دائمًا بداية العام الميلادي الجديد ، فذهب عقب انتهاء عمله ليجلب له هدية مميزة هذا العام ، فهو الآن سوف ينتقل إلى الجامعة ولابد للهدية أن تكون مميزة ومناسبة للكثير من الأحداث . ذهب عصام إلى محل لبيع الأنتيكات والمقتنيات القديمة ، ابتاع هدية شقيقه ، وذهب إلى المنزل ليجد الحفل قد بدأ ، وكان أصدقاء شقيقه قد جلبوا له هدايا منوعة ومختلفة ، إما عطر أو ساعة أو محفظة جلدية ، بينما كان عصام يرغب في جلب شيئًا مميزًا فابتاع له نايًا . شقيقه ليس بعازف ولا يهوى الموسيقى ، ولكنه أراد التميز وانجذب كثيرًا للناي عندما رآه ، فكان الناي ذو شكل مختلف وعليه نقوش غريبة منحوتة بشكل متفرد ، جعل له جاذبية خاصة . سأل عصام عن الناي هل له قصة أو شيء ما ، ولكن البائع لم يكن يعلم عنه شيئًا فهو مجرد بضاعة وتحفة ترد إليه من حين لآخر ، أعجب شقيقه بالناي كثيرًا ولكنه سخر قليلاً بأنه ليس لديه علم بالموسيقى أو يهواها أيضًا . وخلد عصام إلى النوم عقب إنتهاء الحفل ، واستيقظ ليجد أخيه جالسًا في بهو المنزل ويضع الناي أمامه متأملاً إياه ، ولفت شقيقه نظر عصام إلى شيء غريب بالناي ، فقال له إذا ما صمت قليلاً وأرهف السمع سوف يسمع أصواتًا غريبة تصدر من الناي . بالقليل من التركيز سمع عصام بالفعل صوت موسيقى يخرج من الناي ، دون أن يعزف أي منهما عليه ، ولكنه لم يكن صوت الناي فقط وإنما رافقه صوت أنين ، لعدد من الأشخاص وليس هذا فحسب ، فقد اتسعت عينا شقيقه رعبًا وهمس لعصام قائلاً هناك من يتحدث أيضًا ويهمس داخل الناي ! أحداث مريبة : مرت أيام قليلة ، صار فيه الشقيق الأصغر لعصام مدمنًا على الناي ، ولا ينفك يحمله ويعزف عليه ليلاً ونهارًا ، كاد عصام أن يجن فلا شقيقه يعزف كيفية العزف على الناي وليس له شغف بالموسيقى عمومًا . أما عن الناي نفسه وما يصدر منه من موسيقى حزينة للغاية ، فلا تلبث تلك الأصوات أن تنطلق منها حتى تقلب الدنيا رأسًا على عقب ، فتبدأ الغرفة بالسخونة الشديدة وترتفع درجة الحرارة بها ، مع سماع أصوات صرخات وأنين ، لا يدري ما مصدرها ، ويبدأ الشقيقان في رؤية ظلال غريبة تجول بالمكان .
استمر الأمر لعدة أيام ، وبدأ يزداد سوء فبدأ عصام وشقيقه يرا أيادي تخرج من أسفل الأسرّة ، بالإضافة إلى رؤية كائنات سوداء قصيرة ولها عيون كالجمر تتجول داخل الشقة ، بشكل مرعب خاصة مع تكرار انقطاع التيار الكهربائي ، وبين كل تلك الأحداث كان شقيق عصام يلتقط الناي ويعزف ! فكر عصام قليلاً وقرر أن ينتزع الناي من شقيقه ، ولكن الأخير نظر إليه بغضب شديد وهجم عليه يركله ويضربه بشدة حتى استعاد الناي مرة أخرى ، ومجرد أن حصل عليه ، تبدلت نظرته وعادت بريئة مرة أخرى وانصرف إلى غرفته . حاول عصام أن يجد حلاً فتواصل مع أحد الأصدقاء ممن يقرؤون في عالم ما وراء الطبيعة والجان ، وحاول تشغيل القرآن فوجد تشويشًا على كافة المحطات ، وبالنهاية استطاع تشغيل القرآن ، قبيل مجيء صديقه الذي ما أن طرق الباب وفتح له عصام ، حتى فغر فاه وقال له أن ملامحه متغيره ، وفجأة ظهر شقيقه حاملاً للناي وبدأ في العزف مجددًا . صرخ عصام بصديقه وطلب مساعدته ، ولكنه لفت نظره إلى النقوش المرسومة على الناي من الخارج ، مخبرًا له بأنها نقوش سريالية ، وتلك الخطوط كانت تستخدم في العهود السليمانية لجلب الجان ، وبالفعل فتح الصديق متصفحه وبحث بالحروف التي وجدها ، فإذا بها تعني مزامير الجحيم ، وهي أداة أثرية للغاية كانت تستخدم قديمًا من أجل تحضير الجن باستخدام العزف ، فالجان شديد الشغف بها ويعشق سماعها ، ولكنها اختفت منذ أمد بعيد . بدأ عصام والصديق في محاولة إيقاف الناي عما يفعله ، وينتزعاه من شقيق عصام ، فبدأ الصديق في تدوين كتاب ويكتب بعض الطلاسم على شمعة مضاءة ، وأخذ يتمتم ببضع عبارات ، وعصام يشعر بارتفاع غريب في درجة حرارة الغرفة ، وفجأة تعالت أصوات صرخات غاضبة ، وتغيرت المقطوعة التي يعزفها الناي ، أعقبها صرخة طويلة للغاية ، ثم سقط ثلاثتهم أرضًا في حالة إغماء . استفاق الشباب الثلاثة في نفس الوقت ، وشعروا بدوار قاسِ ، ولكنهم استعادوا وعيهم سريعًا ليجدوا الناي قد ألقي أرضًا وقد تفحم تمامًا وكأن هناك من أشعل به النار ، وارتفع صوت القرآن الكريم متصاعدًا من الراديو ، ولكن ، فقد عصام وصديقه أعينهم ، بينما فقد شقيقه عقله للأبد .