ذات صباح قام جحا، وهو حكيم كبير طالما تظاهر بالجنون بلف بيضة في منديل، وذهب إلى وسط ميدان يقع في مدينته، ثم قال موجهاً كلامه للمارة : ستقام اليوم مسابقة مهمة فمن يكتشف الذي في داخل هذا المنديل، سيحصل على ما في داخله كجائزة له.
نظر الحاضرون بعضهم إلى بعض في حيرة وتساءلوا: كيف لنا أن نعلم ذلك، فليس أحدنا بمنجم أو عراف.
وواصل جحا حديثه في إصرار قائلا: ما بداخل المنديل له قلب أصفر بلون صفار البيض، ويحيط به سائل كلون بياض البيض الذي بدوره يوجد في داخل قشرة يمكن تحطيمها بسهولة، وهو رمز للخصوبة، ويذكرنا بالعصافير التي تطير باتجاه أعشاشها. والآن من يستطيع إخباري بما أخفيه؟
فكر الحاضرون بأن جحا يمسك
ببيضة بين يديه، ولكن جلاء الإجابة حال دون أن يُعرض أحدهم نفسه للخجل أمام الآخرين. وماذا لو لم تكن بيضة؟ وكانت شيئاً آخر ذا أهمية بالغة، نتاج الخيال الخصب للحكماء؟ فالنواة صفراء اللون والسائل المحيط بها لربما يكون مستحضرا كيميائيا... إنه هذا المجنون يريد أن يصبح أحدهم مثاراً للسخرية.
قام جحا بإلقاء السؤال عليهم مرتين متتالين، وأيضا لم يرد أحد.. عندئذ فتح هو المنديل بنفسه، وأظهر البيضة للجميع قائلاً: كان جميعكم يعرف الإجابة، ولكن أياً منكم لم يجرؤ على التعبير عن ذلك بالكلمات.
فهكذا هي حياة فيها من لا يملك القدرة على المخاطرة. لا تنس إن الحلول قد منحنا الله إياها بكل كرم من عنده، ولكن أولئك الذين اعتادوا البحث عن حلول أكثر تعقيداً ينتهي بهم الحال دون فعل أي شيء!