تبدأ قصة اصحاب السبت أن الله عز وجل قد أمر اليهود ألا يعملون يوم السبت وأن يخصصوا ذلك اليوم للعبادة فقط، وذلك بعد أن طلب اليهود من الله سبحانه وتعالى أن يخصص لهم يوماً محدداً للعبادة والتقرب منه وترك الدنيا وجميع أمورها والانشغال بالآخرة، فأصبح اليهود يقومون في يوم السبت بجميع انواع العبادات للتقرب من الله سبحانه وتعالى .
وكان اليهود في باقي الايام دون يوم السبت يعتمدون في الحصول على
رزقهم على صيد الحيتان، وكما جرت سنة الله عز وجل في خلقه فقد أراد أن يبتليهم حتى يختبر صبرهم على البلاء وتحملهم وإيمانهم، و هذا الابتلاء أيضاً كان من أجل تربية نفوسهم على الطاعة و عدم الجشع، فجعل الله عز وجل الحيتان التي كانت تعد مصدراً لرزق اليهود لا تأتي إلا يوم السبت الذي خصصه الله تعالى لهم للعبادة فقط وعدم العمل أو السعي وراء الرزق، وهنا جاء رد فعل أهل القرية حيث لاحظ اليهود أن الحيتان تقترب يوم السبت فقط وتبتعد في باقي الايام، وكعادة اليهود انهارت عزائمهم وبدأوا يحتالون الحيل، حيث بدأوا بالصيد يوم السبت ولكن لم يصطادوا بشكل مباشر، بل أقاموا الحواجز والحفر حتى إذا قدمت الحيتان حاصروها يوم السبت، ثم اصطادوها يوم الأحد، كان هذا الاحتيال بمثابة صيد، وهو محرّم عليهم.
وانقسم اهل القرية من اليهود إلى ثلاثة فرق، الفرقة الأولى عاصية تصطاد بالحياة، وفرقة أخرى لا تعصي الله وتقف موقفاً إيجابياً مما يحدث، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتحذّر المخالفين من غضب الله، أما الفرقة الثالثة كانت سلبية لا تعصي الله عز وجل ولكنها لا تنهي عن المنكر، وكانت الفرقة الثالثة دائماً تتجادل مع الفرق الثانية التي تنهي عن المنكر وتقول لهم : ما فائدة نصحكم لهؤلاء العصاة؟ إنهم لن يتوقفوا عن احتيالهم، وسيصبهم من الله عذاب أليم بسبب أفعالهم، فلا جدوى من تحذيرهم؛ بعدما كتب الله عليهم الهلاك لانتهاكهم حرماته، فكانت الفرقة الثانية تجيبهم قائلة : إننا نقوم بما أمرنا به الله عز وجل وبواجبنا أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر إرضاءً لله تعالى، ولا تكون علينا حجه يوم القيامة، وربما تفيدهم هذه الكلمات فيعودون إلى رشدهم ويتركون المعصية .
وبعد أن استمر العصاه في استكابرهم وعصياهم جاء أمر الله عز وجل وحل بهم العذاب، لقد عذّب الله العصاة وأنجى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، أما الفرقة الثالثة، التي لم تعص الله لكنها لم تنه عن المنكر، فقد سكت النصّ القرآني عنها، وقد كان عذاب الله تعالى للعاصين شديداً، حيث مسخهم إلى قرده عقاباً لهم لإمعانهم في المعصية .