يعد مثل (خذوا الحكمة من أفواه المجانين) من أشهر الأمثال العربية ، وتعود أحداث ذلك المثل إلى قديم الزمان ، عندما حدث خلاف بين أخ أكبر وأخوته على تقسيم الميراث بعد وفاة أبيهم ، وانتقل النزاع بينهم إلى المحكمه ، وحدث أن الذي فصل في النزاع ، كان رجل يقال عنه أنه مجنون كما سيرد في القصة
بداية القصة:
أصل المثل أن رجلًا ثريًا وافته المنية ، في بلد بعيد عن بلده ، وحين وصل خبر وفاته إلى أولاده ، حدد ابنه الأكبر يومًا لأخذ العزاء في أبيه ، لكن إخوته طالبوا بالميراث
الخلاف :
وعندما طالبه اخوته بالميراث ، قال الأخ الأكبر انتظروا حتى ننتهي من مراسم العزاء ، وبعدها لكم ما أردتم ، ولكنهم رفضوا بشدة ، وقالوا له بإصرار بل نقسم التركة اليوم ، فرفض هو الآخر مطلبهم وقال لهم : إنها ستكون مأخذ علينا ، فماذا سيقول الناس عنا ، إذا رأونا نقسم التركة قبل انتهاء العزاء
الاحتكام إلى القاضي:
وذهب الاخوة فورًا إلى قاضي البلدة ، يشكون من أخاهم الأكبر ، فأرسل له القاضي أمرًا بالحضور أمامه ، فأخذ الأخ الأكبر يفكر كثيرًا فيما عليه أن يفعل ، وأخيرًا اهتدى الأخ الأكبر إلى الذهاب لأحد حكماء البلدة ، ليستشيره وكان معروف عنه أنه صاحب رأي صائب ، فقص الأخ الأكبر على حكيم البلدة موضوع الخلاف بينه وبين أخوته ، وقال له انظر لي مخرجًا من تلك المشكلة
فرد عليه حكيم البلدة قائلًا : أذهب وأسرد قصتك على فلان فلن يفتيك ولن يعطيك الحل غيره ، وكان معروف عن الشخص الذي أشار إليه الحكيم أنه مجنون ، فقال الأخ الأكبر كيف أذهب إليه إنه مجنون ، كيف يعطى حلاً في خلاف عجز عن حله العقلاء ، فرد عليه الحكيم قائلًا : اذهب إليه إن عنده حل مشكلتك
حكمة المجانين:
وبالفعل ذهب الأخ الأكبر إلى الرجل الذي نصحه الحكيم بالذهاب إليه ، وسرد عليه قصته مع إخوته وخلافه معهم الذي وصل إلى الاحتكام للقضاء ، فقال له الرجل اذهب لإخوتك وقل لهم هل عندكم من يشهد بأن أبي قد مات ؟ ، فقال الأخ الأكبر للرجل : أصبت والله ! كيف لم أفكر في هذا الأمر
الحكمة والمحكمة :
ذهب الأخ الأكبر الى المحكمة ، وقال للقاضي ما قاله ذلك الرجل بالتمام ، فما كان من القاضي إلا أن قال له : إنك محق ، ثم التفت الى الأخوة أصحاب النزاع وقال لهم هل عندكم شهود على وفاة أبيكم ؟ فقالوا له : إن أبانا توفي في بلد بعيد ، وجاء الخبر ولا يوجد شاهد على ذلك
فقال لهم القاضي : آتو بالشهود ، وظلت القضية معلقة بالمحكمة لمدة سنة ونصف ، وقال لهم أخوهم الأكبر لو كنتم صبرتم أسبوعًا واحدًا كان خيرًا لكم ، وذهب قوله (خذوا الحكمة من أفواه المجانين
مثلًا يتناقله الأجيال حتى الآن