اشتهر
هتلر بأنه تسبب في مقتل أكبر عدد من البشر في التاريخ ، بعد أن أطلق شرارة الحرب
العالمية الثانية التي راح ضحيتها أكثر من ثلاثين مليون إنسان ، وقد اشتهر أيضًا بقتل
والمعاملة غير الآدمية لكل من لا ينتمون للجنس الآري ، ولكن تنكيل هتلر وجرائمه لم
تشمل معارضيه فقط ، ولكنها شملت أيضًا بعض أعضاء الحزب النازي الذين اتهمهم هتلر
بأنهم يدبرون انقلاب ضده ، وفي ثلاثة ليال فقط في عام 1934م قام بإعدام حوالي 400
إلى 1000 من أعضاء الحزب النازي ، في عملية تسمى “ليلة السكاكين الطويلة
”
عندما تم
إعلان أن هتلر قد تم تعيينه مستشارًا لألمانيا في 30 يناير عام 1933م خرج أعضاء
الحزب النازي يحتفلون في جميع أنحاء بريلين ، وبحلول يونيو عام 1934م كانت لهتلر
السيطرة الكاملة على جميع أنحاء ألمانيا بدون منازع ، ولكنه فكر أيضًا أنه حتى
يستمر في سلطته يجب أن يتخلص من أي تهديد محتمل بسرعة ، وهكذا في الفترة من 30
يونيو إلى 2 يوليو 1934م والتي أطلق عليها “ليلة السكاكين الطويلة” قام
بالتخلص من أي معارضة تقف في طريقة
وبعض
الذين تم إعدامهم في تلك الفترة كانوا يعتبروا من أقرب المقربين لهتلر ، وحسب بعض
التقارير فإن هتلر أمر بالقبض على حوالي 1000 شخص ولم يتم رؤيتهم مرة أخرى بعد ذلك
، وكان من بين من قبض عليهم غريغور ستراسر وهو أحد منافسي هتلر داخل الحزب النازي
، والجنرال فون شلايشر الذي حاول تقسيم الحزب الناسي ومنافسة هتلر على منصب
المستشار الألماني
ومن بين
من تخلص منهم رجل كان يراه أخطر منافسيه وهو إرنست روهم والذي عينه هتلر بنفسه
لقيادة كتيبة العاصفة وهي الجناح العسكري للحزب النازي وكانت تضم حوالي 3 مليون
شخص من أعضاء الحزب وكانت يرمز لها باسم “إس
أ” ، كما ذكر بولار مارسين
مؤلف كتاب ” ليلة السكاكين الطويلة ”
، فإن هتلر كان معجب ببراعة روهم العسكرية وولاءه للحزب النازي كثيرًا ، وبجانب
ذلك كان روهم صاحب الفضل الأول في وصل هتلر لرأس السلطة في ألمانيا من خلال ترهيب
أي معارض لهتلر بطريقة وحشية سواء من الشيوعيين أو اليهود وحتى رجال الأعمال
والصحفيين والعلماء
ولكن بعد
أن وصل هتلر للحكم في عام 1933م أدرك أن روهم أصبح يمتلك قوة ونفوذ كبيرين حيث أن
الكثيرين من أعضاء الحزب كانوا يرون أن روهم هو زعيم الحزب النازي الحقيقي ، ومع
تنامي قوة منظمة “إس
أ” خاف هتلر من أن تفوق هذه المنظمة الجيش النظامي
وبذلك فإن روهم لن يخضع لأوامر هتلر مثل باقي تابعيه أمثال جوزيف جوبلز الذين
استمدوا قوتهم من تابعتيهم لهتلر
وفي
الوقت نفسه فإن أعضاء “إس
أ” قد شعروا بالاستياء من هتلر لأنهم اعتقدوا
أنهم عندما يساعدون هتلر للوصول للسلطة سوف يزيد من نفوذهم ، ولكن ما حدث أن هتلر
حاول أن يقوض قوتهم ، وقام بتعيين روهم عضوًا في مجلس الوزراء ليبعده عن سلطته
كرئيس لأركان المنظمة ، مما جعل روهم يشعر أن هتلر قد خانه وقال لبعض أصدقائه
القدامى ” إن أدولف خنزير”
وأيضًا
سعى راينهارد هيدريش والذي كان مسئول رفيع المستوى في قوات الأمن الخاصة إلى الإيقاع
بين هتلر وروهم ، وقدم لهتلر ملف يؤكد فيه على أن روهم قد تلقى مبلغ 12 مليون مارك
من السفير الفرنسي مقابل الإطاحة بهتلر وتشكيل حكومة جديدة مع جريجور ستراسر
وكان
هتلر يعلم أيضًا أن منظمة ” إس
أ” تستطيع أن تدمر كل خططه لدمج منصب
الرئيس مع المستشارية تحت قيادته ، حيث كان رئيس ألمانيا بول هيندنبورغ في ذلك
الوقت عجوزًا ولكنه كان يكره روهم ، لذلك ساعد هتلر في الحصول على دعم الجيش
النظامي ، ولأن منظمة “إس
أ” كانت تعتبر معادية للجيش النظامي بذلك
أصبحت تلك المنظمة عدو مشترك لهتلر وللجيش الألماني
وفي 11
أبريل عام 1934م التقي هتلر مع الجنرال فيرنر فون بلومبرغ ، على متن السفينة كروز
دويتشلاند واتفقا على أن يدمر هتلر كتيبة العاصفة ، مقابل أن يتولى الرئاسة أيضًا
بعد وفاة الرئيس هيندنبورغ ، وحتى ذلك الوقتكان هتلر متردد بأن الإطاحة بروهم ،
ولكن الملف الزائف الذي قدمه له هيدريتش جعله يتخذ القرار النهائي ، وفي أوائل
يونيو عام 1934م قام هتلر وهيدريتش بإعداد قائمة بالأشخاص الذين سيتم إعدامهم ،
وتم وضع الأسماء وطريقة الإعدام داخل مظاريف مغلقة ، وتم توزيعها على وحدات
الجوستابو في جميع أنحاء ألماء وسميت تلك العملية ” الطائر الطنان ”
وفي ليلة
30 يوليو طلب هتلر من جميع قادة كتيبة العاصفة حضور اجتماع في فندق Hanslbauer ، وكان هذا الاجتماع فخًا ، وعندما حضر هتلر ومعه عدد كبير من
قوات الأمن الخاص في حوالي الساعة السادسة صباحًا ، قام هتلر بنفسه بحمل مسدسه
والقبض على روم ، ويقال أنه خيره بين الإعدام أو الانتحار ، فلما رفض روهم
الانتحار تم إخراجه من الفندق وأطلق عليه الرصاص ، وتم اعتقال حوالي 200 آخرين من
قادة المنظمة وهم في طريقهم إلى الفندق
وقد تم
إعدام معظمهم في سجن ستدلهايم ، كما تم إحضار حوالي 120 عضو أخرين في
“إس
أ” إلى السجن وأعدموا رميًا بالرصاص ، كما تم القبض على مجموعة من
الصحفيين والكهنة ، وعدد من قادة الحزب النازي منهم الجنرال فرديناند فون بريدو الذي ساعد هتلر في تأليف كتاب “كفاحي”
، كما قتل بعض الأشخاص في تلك الليلة بالصدفة منهم أشخاص كانت بينهم وبين هيدريتش
عداوة شخصية ، ومع انتهاء عملية ” السكاكين الطويلة ” في 2 يوليو أصبحت
قوات الأمن الخاص هي المسيطر الوحيد على ألمانيا